فرنسا تضيق على لاعبين مسلمين لرفضهم الانخراط في حملة دعم الشذوذ الجنسي

يعيش عدد من لاعبي كرة القدم المسلمين في فرنسا تضييقات كبيرة، بلغت حد التغريم والطرد والتوبيخ من طرف حكومة ماكرون لرفضهم المشاركة في حملة لدعم الشذوذ الجنسي ينظمها الاتحاد الفرنسي للكرة.

ويواجه بعض لاعبي كرة القدم المسلمين بالدوري الفرنسي “ليغ 1” الرافضين للانخراط في حملة الاتحاد المذكوة الفرنسية حملة تضييق واسعة وعقوبات بسبب موقفهم. وتعدّت الحملة ضدهم حيّز الانتقاد الإعلامي، ليصل ذلك إلى الحكومة الفرنسية التي هاجم وزراؤها خيار اللاعبين. كما وصل التضييق إلى حد إصدار عقوبات ضدهم، تراوحت بين الغرامات والمنع من اللعب وطرد من النوادي.

من بين اللاعبين الذين رفضوا المشاركة في حملة دعم الشواذ، المهاجم المغربي زكرياء بوخلال، واللاعب الهولندي من أصل بوسني سعيد هاموليتش، والمالي موسى ديارا، والجزائري فارس الشايبي. وكلهم يلعب في صفوف نادي تولوز الفرنسي. هذا بالإضافة إلى المصري مصطفى محمد مهاجم فريق نانت، والسنغالي دوناتيان غوميز لاعب غانغان.

ويطلق الدوري الفرنسي حملة سنوية لمحاربة “رهاب الشذوذ”، تُلزِم اللاعبين فيه ارتداء بدلات بألوان الطيف التي تتخذها تلك الأقلية الجنسية شعاراً للمطالبة بحقوقها.

ورفض اللاعب المغربي زكرياء بوخلال المشاركة في الحملة والمشاركة في مباراة فريقه ضد نادي نانت. وعلَّق المهاجم على قراره ذاك بالقول: “لقد اتخذتُ القرار بعدم المشاركة في مباراة اليوم (…) أولاً وقبل كل شيء أرغب في تأكيد أنني أحمل أقصى قدر من الاحترام لكل فرد، بغضّ النظر عن تفضيلاتهم الشخصية أو الجنس أو الدين أو الخلفية، وهذا مبدأ لا يمكن التعبير عنه بما فيه الكفاية”.

وتابع بوخلال: “الاحترام هو قيمة أحتفظ بها في تقدير عظيم يمتد إلى الآخرين، ولكنه يشمل أيضاً معتقداتي الشخصية، وبالتالي لا أعتقد أنني الشخص المناسب للمشاركة في هذه الحملة. أرجو بصدق أن يُحترَم قراري، كما نرغب جميعًا في أن نُعامَل باحترام”.

ومن جانبه رفض المهاجم المصري مصطفى محمد المشاركة في مباراة ناديه لنفس السبب. وغرد موضحاً موقفه بقوله: “لا أريد أن أجادل على الإطلاق، ولكن عليّ أن أوضح موقفي، احترام الاختلافات يعني احترام الآخر، واحترام الذات، واحترام ما سيكون مشتركاً وما سيظل مختلفاً عليه”.

وأضاف محمد: “نظراً إلى جذوري وثقافتي وأهمية قناعاتي ومعتقداتي، لم يكن من الممكن أن أشارك في هذه الحملة.. آمل أن يُحترَم قراري، وكذلك رغبتي في عدم الجدال حول هذا الأمر”.

انتقادات وعقوبات

ومع إعلان اللاعبين المسلمين رفضهم المشاركة في الحملة، انطلقت انتقادات شرسة ضدهم. ودخل وزراء في الحكومة الفرنسية على خط هذه الانتقادات، مطالبين بتنزيل عقوبات في حق اللاعبين المعنيين بالرفض.

وقالت وزيرة الرياضة الفرنسية أميلي أوديا-كاستيرا: “ما حدث يؤسفني بشدة (…) نحن في بلد لطالما عزز احترام الآخرين وحقوق الإنسان. من الضروري أن نجد أنفسنا جميعًا في مثل هذه الرسالة الأساسية للعيش معًا”. لكن بمقابل خطاب “حقوق الإنسان وحرية التعبير”، طالبت الوزيرة الفرنسية بضرورة “اتخاذ إجراءات (عقابية) ضد هؤلاء اللاعبين”.

ومن جانبه أعرب المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران، الاثنين، عن أسفه لرفض بعض لاعبي كرة القدم المحترفين ارتداء الأقمصة التي تحمل شعار قوس قزح. وقال فيران في حديث لقناة “فرانس 2”: “هذا سيئ (…) كنت أقرأ مقالاً في وقت سابق حيث قال شخص ما، مدرب أعتقد، إنّ رهاب المثلية كان رأياً، بل إنه جرم”.

هذا وسريعاً ما استجاب نادي نانت لمطالبات الوزيرة، وقرر تنزيل عقوبات مالية في حق مهاجمه المصري مصطفى محمد، لرفضه المشاركة في مباراة الأحد وحملة دعم الشذوذ.

وفي سياق قريب، أعلن نادي تولوز استبعاد المهاجم المغربي زكرياء بوخلال من التدريب مع الفريق الأول “حتى إشعار آخر”، بسبب بث قناة RMC تقريراً عن مشادات كلامية بين اللاعب ونائبة لرئيس بلدية المدينة. وقال النادي في بلاغ: “أمام الادعاءات الخطيرة التي نشرتها RMC ضد لاعب نادي تولوز، زكرياء بوخلال، يعلن النادي أن لاعبه سيتدرب بعيدًا عن المجموعة حتى إشعار آخر، في انتظار نتائج التحقيق الداخلي”.

تضييقات تستهدف اللاعبين المسلمين

حسب الصحفي والمحلل الرياضي الجزائري زكرياء حبشي، فإن هذه التضييقات التي يعيشها بوخلال، وغيره من اللاعبين الذي رفضوا المشاركة في حملة دعم الشذوذ ليست بالجديدة على الكرة الفرنسية.

وقال حبشي في تصريحات لـTRT عربي: “ما يتعرض له اللاعب المغربي زكرياء بوخلال ليس جديداً في الكرة الفرنسية، وقد حدث في وقت سابق مع لاعب باريس سان جيرمان السنغالي إدريسا غانا غي، الذي تعرض لحملة كبيرة (لنفس السبب) حتى قيل في وسائل الإعلام أنه تظاهر بالمرض حتى لا يشارك في أسبوع دعم الشذوذ”.

ويضيف الصحفي الجزائري بأن الفرق بين حالة اللاعب السنغالي والمغربي هو أن الثاني “تعرض للمساءلة والمعاقبة من طرف ناديه، وهو الآن يريد المغادرة النادي… وقد تلقى الدعم من زميله الجزائري فارس شايبي الذي قد يُعاقَب هو الآخر بمجرد دعمه لزميله المغربي”.

ويشير المتحدث إلى أن “نوعاً آخر من المضايقات موجود في فرنسا فقط” يستهدف اللاعبين المسلمين، وهو “أن يخير اللاعب بين اللعب أو الصيام في شهر رمضان، ومثال ذلك معاقبة اللاعب الجزائري بدر الدين حجام، لاعب نانت، بعدم اللعب خلال رمضان لأنه قرر الصيام، وهو يتناقض مع الحريات والديمقراطية التي تدعيها دول الغرب عموماً وفرنسا خصوصاً”.

بالمقابل، ينتقد الصحفي المغربي عبد الحي ابن يعيش دخول السياسيين على خط هذا النزاع. وصرح ابن يعيش لـTRT عربي قائلاً: “ما وقع للّاعبين المسلمين الذين رفضوا ارتداء الأقمصة الداعمة للشذوذ يجسد خرقاً واضحاً لحقوق الإنسان وحرية التعبير التي تتشدق بها شعارات الحكومة الفرنسية (…) كما أنها قمع لحريات الأفراد وتجنٍّ على مبادئهم الثقافية والدينية”.

عن موقع TRT عربي

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى