عادات المغاربة في رمضان 5: الاحتفاء بالأطفال ليلة القدر

يحتفي المغاربة بليلة السابع والعشرين من رمضان -التي يرجح لدى الكثيرين توافقها مع ليلة القدر- بمجموعة من الطقوس التي تتشبث بها العديد من الأسر، ويكون فيها الأطفال نجوم الليلة، إذ يتم الاحتفال بصيامهم لأول مرة في حياتهم من خلال شراء الملابس التقليدية وتخضيب أيديهم بالحناء.
وتزدهر قبيل هذه الليلة تجارة العطور والملابس التقليدية، فيما تشهد الأسواق والمحلات التجارية حركة تجارية دؤوبة حيث يحرص المغاربة على اقتناء الملابس التقليدية من قبيل “الجلباب” و “السلهام” و”البلغة” التي يرتدونها منذ بداية شهر رمضان وخاصة في ليلة القدر ويوم العيد.
وتتميز مناسبة ليلة القدر في المغرب بطقوس وعادات تختلف من منطقة إلى أخرى، لكن توحدهم تقاليد ومظاهر احتفالية مشتركة، بدءا من شراء الفواكه الجافة من الأسواق الأسبوعية والمحلات التجارية مرورا باقتناء مختلف أنواع الخضروات لتحضير أكلة “الكسكس” الشهيرة، بالإضافة إلى أداء الصلاة في المساجد وتبادل الزيارات.
وأولى مظاهر الاحتفال بـ 27 من رمضان الذي يلي إحياء ليلة القدر، تبدأ باختيار الزي الذي يرتديه الأطفال، وينتهي بأخذ صورة خاصة للذكرى في استوديوهات التصوير التي تنتشر في كل المدن المغربية.
فبالنسبة للبنات فإنهن يرتدين “القفطان” أو الجلباب التقليدي، كما يرتدين في أرجلهن “الشربيل” ، وتحرص أمهاتهن على أن يزين أيديهن بالحناء، وتلتقط لهن الصور فوق “العمارية” (هودج منمقة بالفضة أو النحاس) لأخذ صور للذكرى، في أجواء تحاكي تقاليد عرس مغربي.
أما الأطفال الذكور فيلبسون جلبابا تقليديا أو “جبادورا”، ويضعون الطربوش الأحمر المغربي على الرأس ، ولا يكتمل المظهر الجمالي للطفل في هذا اليوم إلا مع “البلغة” وهو نعل خاص بالرجال، فيما تزين راحة يده بدائرة من الحناء كنوع من الفأل الحسن، حسب العادات المغربية.
ويشهد صيام الأطفال في هذا اليوم تحضير أطعمة خاصة، حيث تملأ ربة البيت المائدة الرمضانية بـ”الشهيوات” وهي عبارة عن أصناف من الطعام المغربي، مع بعض الأكلات الإضافية كالحلوى والسلطات التي تقدم بجوار الوجبات المفضلة للطفل أو الطفلة الصائمة للمرة الأولى، وجرت العادة أن يحظى الطفل الصائم ببيضة خاصة يُقشرها بنفسه ويُفطر عليها، ويستتبعها بحليب وتمر.
وبعد انتهاء الإفطار يجود كبار العائلة على الطفل أو الطفلة الصائم بأوراق نقدية تضفي مزيدا من الاحتفاء وتحبب الطفل أكثر في الصيام.
وخلال هذه الليلة المباركة، تتزين بيوت الله لاستقبال ضيوف الرحمان الراغبين في ختم القرآن قياما والطامعين في اغتنام فضائلها، ويكثر المغاربة من العبادات من صلاة وصدقة وذكر وقرآن وصلة للرحم، ومنهم من يعتكف في المساجد إلى ما بعد صلاة الصبح، كما يرافق الأطفال آباءهم إلى المساجد لتأدية صلاة التراويح، في جو روحاني بعدما تمتلئ بيوت الله بالمصلين عن آخرها.
وبعد أداء صلاة التراويح تجتمع العائلات في بيت الأبوين، أو الشخص الأكبر سنا في أجواء عائلية، يطبعها التآخي والتآزر، وتجسيدا لقيم التضامن والتكافل والاقتناع بالقيم الإسلامية السمحة، تسهر الأسر المغربية على اختلاف أوضاعها المادية والاجتماعية على إعداد أطباق من الكسكس المغربي، وتقدمها للمصلين والمحتاجين المعتكفين في بيوت الرحمان.