طلابي: هناك عدوان مزدوج على الطبيعة والإنسان يفرض إصلاحا أخلاقيا وتجديدا لمنظومة القيم

أكد المفكر الإسلامي محمد طلابي أن هناك طارئان تاريخيان كبيران في العقد الثاني من القرن21 يفرضان أهمية الإصلاح الأخلاقي وإعادة تجديد منظومة القيم :

الأول: إقليمي يهم المنطقة العربية الإسلامية وهي الثورة التي امتدت من المحيط إلى الخليج لمكافحة الفساد والاستبداد ضد الإنسان.

والثاني : جاءحة كورونا وتمثل الفساد والاستبداد ضد الأرض والطبيعة

فهو إذن عدوان مزدوج على الطبيعة والإنسان معا، ومن هنا تظهر أهمية الإصلاح الأخلاقي والقيمي في المنطقة.

وأشار طلابي في مداخلته بعنوان ” الجائحة وحاجة البشرية الملحة لثورة في القيم الأخلاقية”، خلال الندوة العلمية التي نظمتها حركة التوحيد والإصلاح عن بعد، في موضوع :”أهمية القيم والثقافة في تجاوز تداعيات جائحة كورونا حاضرا ومستقبلا”، الجمعة 10 يوليوز 2020، إلى أن القيم مراقي فهناك حزمة قيم الإيمان وحزمة قيم العمران وحزمة قيم الأخوة وحزمة قيم الآدمية وحزمة قيم الضمير، وهذا التحديد لمراقي القيم يساعدنا على التصنيف ووضع الخرائط، مما يساعدنا على التجديد في تلك الحزم والخرائط، فهذه القيم تنمو وتموت، ولهذا يجب تحديد من أين تتغذى هذه القيم، فالقيم في بيئة ملحدة ستختنق وتموت، وقيم المادية والإلحاد ستختنق في بيئة الإيمان، وبالتالي لا بد أن نتحدث على أن القيم تنمو وتموت وشرطها طبعا هو الوعاء الذي تتغذى منه.

واعتبر طلابي أن هناك وعاءان رئيسيان لنمو وموت القيم وهما الوعاء الغائي والوعاء السلوكي:

الوعاء الغائي هو تصورنا للوجود، فالماركسي مثلا حينما يتكلم ينمي القيم المادية لأنه يعتبر أن لا خالق لهذا الوجود، لأن الوعاء الفلسفي المادي لا تنمو فيه قيم الإيمان ولذا فان الوعاء يلعب دورا أساسيا في نظرية الوجود أو ما نسميها العقيدة.

الوعاء السلوكي وهو وإن كنا نؤمن بالقيم العبودية والربوبية والألوهية والتوحيد، وكان سلوكنا منحرف عن هذا في الواقع المادي ستختنق الكثير من القيم الحاكمة المركزية عندنا، ولهذا نجد المسلمين جميعا مؤمنين بهذه القيم ولكن في السلوك نجد شيئا آخر فقد تجده مفسدا في الأرض ويشرب الخمر ويزني وهذا أيضا يساعد على اختناق القيمة المركزية، وهذا نؤكد أن القرن 21 بحاجة إلى ثورة أخلاقية وأيضا إلى ثورة معرفية كبرى.

وجوابا على سؤال ما هي الأخلال التي أدت إلى هذا الفساد الشامل فساد في الأرض وفساد في الأمة والوطن؟ أوضح طلابي أنها أخلال معرفية وأخلاقية والأخلال المعرفية هي الأهم، فجائحة كورونا هي حصيلة مرة للتصورات المعرفية للوجود، لأن العدوان على الأرض وصل إلى درجة سيؤدي معها إلى رد فعل وعدوان مضاد من الطبيعة في شكل أوبئة تجتاحنا وربما فيضانات وجفاف وذوبان القطبين وهو ما يعني فساد الأرض، مشيرا إلى أن أكبر فساد معرفي هو تصور الوجود في الحداثة الغربية فالعقل القائد للحداثة اليوم هو المسؤول عن كل هذا العدوان، لأنه عقل تحكمه قيم مركزية لا يصدر عنها إلا العدوان:

القيمة الأولى التي قال بها ميكيافيل حين قال السياسة لا تخضع للأخلاق والغاية تبرر الوسيلة

القيمة الثانية أسس لها داروين حينما قال البقاء للأقوى والأصلح

القيمة الثالثة التي قال بها ماركس وهي التناحر الطبقي

القيمة الرابعة وجاء بها نيتشة وفرود وهي أن محرك التاريخ هو الغريزة

فهذا التصور وهذه القيم تم تنزيلها على شكل عدوان على الأرض وعلى الإنسان معا، ومن خلال هذه القيم تم استعمار العالم واستعباد الناس وإبادة شعوب من أجل تحقيق قيمة الشهوة، فكانت النتيجة استغلال الطبيعة بلا حدود، وتفكيك نظام التوازن للأرض فتم العدوان على الغلاف المائي والهوائي والصخري والبيولوجي، مما نتج عنه بالتالي موجات من الأوبئة وسنعرف موجات من الجفاف والفيضانات أيضا.

وختم طلابي مداخلته بالتأكيد على أن الإسلاميين المثقفين بحاجة إلى إبداع نظرية في الإنسان وهي ضمن حزمة قيم الآدمية والتي هي من أعمق القيم : قيمة العزة والعفة والحرية والرحمة والعدل والآدمية، منوها إلى أننا لا نتكلم في تراثنا إلا عن إرادة الله التكوينية والتشريعية ونغفل عن إرادة الله الإنسية ، داعيا الصفوة إلى مراجعة نفسها وإعادة طرائق التفكير عندها، من أجل تجديد في عقيدتنا وتجديد تعريف الإيمان الذي تم إنتاجه في العصر الوسيط .

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى