شهر الصمت – عبد الرحيم مفكير

كتب الكثير من العلماء والفضلاء عن شهر رمضان وما فيه من الفضل والأجر والتقرب إلى الله بالطاعات. ولعل إحدى أهم الأعمال المنجيات من الآفات تغيب عنا، وهي نعمة لا يتمتع بها إلا الحكماء ممن عرفوا قدرها. فكف اللسان عن الكلام خطوة لتحصين باقي الأعضاء من السقوط في المحظور، وتربية للنفس وتهذيب لها، وتزكيتها.

وقد أمرنا الله سبحانه بتزكية النفس وحملها على الطاعة لتبتعد عن سبيل الشيطان” قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها”؛ ومن هنا فرضت العبادات لغايات منها فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتعلم العبد التربية على قيمة الوقت، وفيها ذكر الله ” ولذكر الله أكبر”، والزكاة تطهر النفس من البخل والشح؛ ” خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها”، وكذلك فريضة الحج الذي جعل للتقوى وهو خير زاد وغيرها من العبادات؛ ومن أهمها عبادات القلوب؛ فهذه المضغة الصغيرة بها يكون صلاح الإنسان أو فساده.

وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بكف اللسان وحفظه، فإذا أطلقنا له العنان ألقى بنا في الهاوية حيث لا منقذ؛ تتبرأ الأعضاء من اللسان وتتمنى أن يحد من الثرثرة والخوض في أعراض الناس.                                   

إن من أعظم مقاصد رمضان تربية الجوارح؛ وشغل اللسان والقلب بذكر الله ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب “، فأن يصبح اللسان رطبا بذكر الله ذأب الصالحين والمستغفرين التائبين الطامعين في المغفرة.                

فهذا شهر التقوى والصبر والقرآن والجود، والتعود على القيم الحميدة. والخلوة مع الذات لمحاسبتها “حاسبوا أنفسكم قبل ـن تحاسبوا وزنوا اعمالكم قبل أن توزن”.

هي عبادة ” الصمت والتدبر” قل من ينتبه إليها، كف اللسان عن الكلام حيث لا غيبة ولا نميمة ولا لغو وهي من صفات عباد الرحمان “والذين هم عن اللغو معرضون”، فأن يجتهد العبد طيلة هذا الشهر في إزالة العادات السيئات والعمل على التمسك بما جاء في كتاب الله وسنة نبيه؛ منجاة من اتباع الهوى والشيطان.          

إن من أهم الفرص في الشهر الفضيل تقييد شياطين الجن، وللأسف يبقى شياطين الإنس الذين يبدعون في إشغال الناس بأعمال تبعدنا عن الطريق السوي، فنسجن أنفسنا أمام الشاشة طيلة ساعات نتتبع “السيتكومات” والمسلسلات التي تنشط في هذا الشهر؛ او نلعب الورق ” الكارطة” و ” ضامة” وغيرها.                                   

إن المؤمن اقتداء بنبي الرحمة يعلم علم اليقين أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا بديئا، وعلينا أن نجتهد في حفظ ألسنتنا ونبتعد عن الكلام البذيء والفاحش، وعن الغمز واللمز واللغو.        

رمضان فرصتي وفرصتك للتعود على عبادة الصمت والتدبر في الوجود وشغل النفس بمحاسبتها؛ وقراءة القرآن والذكر والتقرب إلى الله بالطاعات “وفي ذلك فليتنافس المتنافسون”.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى