سلسلة قراء مغاربة 4 |محمد قصطالي القارئ العالمي وهبة مسابقة مواهب في التجويد

منارات قرآنية تصدح بأصواتهم المساجد والمنتديات، ولترتيلهم تهفو القلوب، وتبتهج الأفئدة، وتشنف الأسماع، وفي كل مساراتهم تُرسم مشهديات النبوغ المغربي؛ فكأنهم أوتوا مزمارا من مزامير داود عليه السلام.
تتلألأ بهم مسابقات حفظ القرآن الكريم وتجويده في أصقاع العالم، فبحضورهم تكتمل المناسبات، وتحتدم المنافسات، وتشتد التحديات، وتلك من خصالهم المشهود لهم بها منذ القدم، وتحكي عنها المنافسات في الوقت الحاضر.
إنهم قراء المملكة المغربية؛ الذين ما تباروا في منافسة إلا سطروا فيها كبرى الأساطير، يبزون أقرانهم فيظفرونهم بقوة الحفظ، وعذب الترتيل، وحصافة العقل، بهم ترتفع الإيقاعات وتتفتق المواهب الرامية إلى الصدح بكتاب الله المجيد.
أولئك أبناء اللوح والقلم، لمثلهم تنظم الأعراس القرآنية، ويطاف بهم فوق سروج الخيول في المدن والمداشر إعلاء لمكانتهم كاهل الله وخاصته. نقدمهم لكم في سلسلة تعريف بقراء مغاربة:
بصوته الشجي وأسلوبه الفريد؛ يشنف آذان المستمعين إلى ترتيله، ويخطف عقول المتابعين لتسجيلاته التي صارت كما يقال “نارا على علم” بمنصات التواصل الاجتماعي، حيث تستقطب الشباب الباحثين عن الأصوات الشجية الملامسة للقلوب.
محمد قصطالي المزداد في 4 فبراير 1990 له إيقاعات روحية تؤثر على كل السامعين لقراءاته، يأخذهم بها إلى عوالم الوجد وتذوق كلام رب العزة، وله أصوات كأنها فصلت على مقامات العالم مذ خلقت الإنسانية.
يقبل عليه الناس من كل حدب وصوب إقبالا منقطع النظير، حين يأمهم الصلوات خاصة التراويح، فيظهر موهبة خارقة في التجويد، وإعطاء كل حرف وحركة وسكون معناها وحقها في الترتيل، بصوت عذب بهي.
وعن ساح التحديات والمسابقة فهو فارس الوغى، ففي عمر السابعة عشر حاز على الرتبة الأولى في مسابقة مواهب في التجويد التي نظمتها القناة الثانية (دوزيم) سنة 2007، فكانت بداية المشوار نحو آفاقه الرحبة. ما هي إلا أيام داخل نفس السنة حتى أحرز الرتبة الثانية ضمن جائزة محمد السادس الوطنية.
قاده هذا الفوز إلى الظفر بالمركز الثاني لجائزة محمد السادس الدولية في حفظ القرآن الكريم وترتيله وتجويده وتفسيره لعام 1435/2014م، فرع تجويد القرآن الكريم مع حفظ خمسة أحزاب.
وفي الكويت، ترك قصطالي بصمته بإحراز الجائزة الأولى في فرع تلاوة القرآن الكريم وترتيله، وذلك في إطار الدورة الثانية لجائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويد تلاوته، التي نظمت خلال الفترة ما بين 13 و20 أبريل 2011.
وفي البحرين، اعتلى قصطالي منصة التتويج من جديد، وهذه المرة حقق المرتبة الأولى وحصد لقب القارئ العالمي في مسابقة البحرين العالمية في 2016، بعد أن رفع إيقاع التنافس إلى مرتبة رسب فيها أقرانه من دول العالم المشاركة.
وكان لقارئنا موعد آخر مع التتويج وهذه المرة في قطر، حين كانت عين قصطالي على مربع التتويج، فكان من نصيبه المركز الثاني ضمن أرفع جائزة بالعالم وهي جائزة كتارا لتلاوة القرآن، التي نظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في قطر يوم الأحد 08 ماي 2022، تحت شعار “زينوا القرآن بأصواتكم”.
ومن يد الرئيس التركي طيب رجب أردوغان تسلم جائزة وصيف المسابقة الدولية للقرآن الكريم بتركيا المنظمة في عام 2022، وذلك باحتلاله المركز الثاني، حينها أبهر كل من حضر بصوته القوي وتلاوته الرائعة.
ابن مدينة الدار البيضاء فاضت عطاءاته على من حوله وهو يمتثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”، إذ كان يعمل على تحفيظ وتعليم 120 طفلا وطفلة القرآن الكريم وقواعد تجويده.
الإمام محمد قصطالي يمثل جيلا من القراء الذين يجمعون بين المهارة في الأداء والارتقاء في مقامات القراءة، ووضعه بصمته الخاصة في المسابقات والمنافسات الدولية كما إلى جانب أقرانه المغاربة الذين أعطوا مثالا رائعا في التوفيق بين الاهتمام بالقرآن والتفوق في الدراسة والتحصيل العلمي.
موقع الإصلاح