سفير شهر القرآن
مرَّ أكثر من نصف شهر شعبان؛ سفير شهر القرآن، ويخبرنا بالاستعداد لاستقبال رمضان المبارك، فالمرء لما يستقبل عزيزا يستعد له ويتهيأ ويتفادى كل ما يلهيه عنه. عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن “، فعلينا بالبعد عما يؤدي لغفلة القلب، وحري بالمؤمن أن يهيئ نفسه وقلبه لاستقبال رمضان من خلال القيام ببعض العبادات القلبية والبدنية؛ لا يريد من هذا كله سوى رضا الله عز وجل.
فما أعظمه من لقاء بعد طول فراق! وما أروعه من تدان بعد هذه الرحلة الطويلة! فالقلوب متلهفة، والأرواح متعطشة، والنفوس متطلعة إلى سماء علياك يا شهر الصيام، والعيون بشوق إلى رؤية أنوار لياليك يا شهر رمضان الأجل الأغر، لقد برح بنا الشوق إلى لقائك، وها نحن نستحث الركائب، ونحث المطايا للمضي والدخول في ساحاتك النورانية يا شهر القرآن والبر والإحسان.
لقد تميز الصوم عن سائر العبادات والطاعات بخصوصية النسبة إلى الله تعالى؛ قال تعالى في الحديث القدسي، الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (قال الله – عز وجل -: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب – الخصام والصياح – فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم – الرائحة – أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه)؛ رواه البخاري ومسلم.
ولاستقبال شهر رمضان الكريم على المسلم:
1 – استحضار النية وتجريدها لله عز وجل.
2 – الاستعانة بالله عز وجل على تهيئة النفس والقلب لاستقبال رمضان.
3 – العناية بشهر شعبان وعدم الغفلة عنه.
4 – قضاء ما فات من صيام رمضان.
5 – التوبة الصادقة.
6 – العزيمة الصادقة على اغتنام رمضان وتعميره بالأعمال الصالحة.
7 – وضع خطة للفوز والنجاة في رمضان.
عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: (والذي نفسي بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)؛ تلك الرائحة التي يعقبها الصيام في فم الصائم، تلك الرائحة التي في ظاهرها منتنة أطيب عند الله من ريح المسك، وفي الحديث أيضا: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين)؛ رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، وروى الترمذي وابن ماجه وابن خزيمة في رواية: (إذا كان أول ليلة في شهر رمضان، صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار؛ وذلك كل ليلة)؛ حسنه الألباني في صحيح الجامع.
الإصلاح