رغم الانتقادات والاعتراضات.. قانون المسطرة الجنائية يدخل حيز التنفيذ

دخل القانون رقم 03.23 المتعلق بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية حيز التنفيذ بشكل رسمي ابتداء من يوم الاثنين 8 دجنبر 2025 بعد نشره في الجريدة الرسمية.
وتأتي هذه الخطوة -حسب وزارة العدل- في إطار استكمال مسار إصلاح منظومة العدالة بالمملكة، وضمن ورش تشريعي ضخم يهدف إلى مواءمة الترسانة القانونية المغربية مع الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ومن أبرز المستجدات التي حملها النص الجديد عقلنة الاعتقال الاحتياطي، وتبنى القانون من خلال ذلك فلسفة جديدة تجعل من الاعتقال الاحتياطي تدبيرا استثنائيا لا يلجأ إليه إلا في حالات الضرورة القصوى، مع تقليص مدده القانونية، وذلك للحد من الاكتظاظ السجني وتكريس قرينة البراءة.
كما يسمح القانون الجديد للمحامي بالحضور خلال الاستماع للمشتبه فيه لدى الضابطة القضائية (مخافر الشرطة والدرك) ابتداءً من الساعة الأولى للوضع تحت الحراسة النظرية، وهو مطلب تاريخي لهيئات الدفاع.
وينص القانون على إلزامية تسجيل استجوابات المشتبه فيهم بالصوت والصورة في الجنايات والجنح، التي يعاقب عليها القانون بأكثر من 5 سنوات لضمان شفافية المحاضر والحد من ادعاءات التعذيب أو الإكراه، وتعزيز حقوق الضحايا في الانتصاب كطرف مدني وتسهيل إجراءات التبليغ.
وعلى الرغم من الترحيب ببعض المقتضيات الحمائية، إلا أن القانون لم يسلم من انتقادات حادة وجهتها جمعيات حقوقية وأحزاب معارضة، تركزت بشكل أساسي حول المادتين 3 و7.
وحصر القانون حق تحريك الدعوى العمومية في الجرائم المتعلقة بالمال العام (مثل الاختلاس والغدر) في النيابة العامة فقط، وذلك بناءً على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو جهات رسمية محددة.
واعتبر حقوقيون أن هذا المقتضى “يغل يد المجتمع المدني” ويمنع الجمعيات والمواطنين من تقديم شكايات مباشرة ضد المسؤولين المشتبه في فسادهم، مما قد يشكل “حماية للمفسدين”.
كما وضع القانون شروطا صارمة لانتصاب الجمعيات كطرف مدني في القضايا المعروضة أمام المحاكم، مشترطاً الحصول على إذن خاص، وهو ما رأت فيه فعاليات مدنية تراجعا عن المكتسبات الحقوقية وتضييقا على العمل الجمعوي في محاربة الرشوة.
ومع دخول القانون حيز التطبيق، تتجه الأنظار الآن إلى المحاكم المغربية لرصد كيف ستتعامل الممارسة القضائية مع هذه القواعد الجديدة، وهل ستنجح فعلا في تحقيق التوازن الصعب بين مكافحة الجريمة وحماية الحقوق والحريات.




