رمضان على الأبواب فكن أنتَ الأحسن – رشيدة المنصوري
دراسة وتتبع لفظ “أحسنُ” في القرآن الكريم
الحُسن هو الجمال، وهو كل مبهج مرغوب فيه، وقد ذكر هذا اللفظ ومشتقاته في 194 موضع في القرآن الكريم، منها ما هو بصيغة الفعل (24 موضع)، والباقي بصيغة الاسم بمختلف اشتقاقاته، ومن معانيه في القرآن الكريم: الإيمان، جماع الخير، العمل الصالح، الطاعة، الجزاء في الآخرة، الجنة، الرحمة… وذلك حسب السياق الذي يرد فيه في الآية.
ورد هذا اللفظ بصيغة اسم التفضيل أي أحسنُ بكثرة في القرآن الكريم (34 موضع)، منها وصفُه سبحانه بقوله: “.. فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين..” [المؤمنون:14] كما وصف دينَه و فِطرته بقوله:﴿صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾[ سورة البقرة: 138، كما وصف القرآن العظيم ب﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ…﴾[ سورة الزمر: 23]، وقد دعا عباده المؤمنين إلى القول الحسن بل الأحسن في قوله تعالى:﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾[ الإسراء: 53]، وأمْرُ الدعوة جلل ولذلك قال فيه سبحانه:﴿ ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾[سورة النحل: 125].
ولما كان الخصام والإساءة شديدة على النفس وتتطلب مجاهدة أكبر وجَهَنا سبحانه ب:﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾[ فصلت: 34].
إذن قول الحسن وفعله مطلوب ولكن فعل الأحسن أقوى وأعمق وأكثر تأثيرا وهذا هو الابتلاء، قال سبحانه:﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾[ الكهف: 7].
فيا أيها الإنسان أنت أحسن الخلق كما قال عنك ربك: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾[ التين: 4]، وهداك إلى شرعه الذي قال فيه:﴿ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾[الإسراء: 9]، فلا يجدر بك في رمضان الذي هو خير الشهور، الشهر الفريد المتفرد بخصائص عظيمة إلا أن تستقبله بأحسن قلب، وتقدم له بالطهر والتطهر طمعا في عفو الكريم:
عسى المُنقطِع عن ركب المقبولين يلحق.
عسى أسير الأوزار يُطلق.
عسى من استوجب النار يُعتق.
فاللهم اجعلنا ممن قلتَ فيهم: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[ الزمر: 18]
والحمد لله رب العالمين