خطبة منبرية موحدة تستحضر مظاهر تكريم الإسلام للمرأة والنهي عن تعنيفها
خصصت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية خطبتها ليوم الجمعة 04 جمادى الآخرة 1446هـ، الموافق لـ 06 دجنبر 2024م لموضوع: “الأمر بالإحسان إلى النساء وإكرامهن والنهي عن الإساءة إليهن أو تعنيفهن”، وذلك بالتزامن مع تخليد العالم الأسبوع الماضي لليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة.
وأكد خطباء الجمعة على أن الرجال والنساء شقائق في الأحكام، وأنهم جميعا متساوون في الحقوق والواجبات، ولا توجد شرعة ولا دين صان المرأة وكفل لها كل حقوقها مثل الإسلام.
وأشارت خطبة الوزارة إلى أن الإسلام أوْلى اهتماما كبيرا للمرأة، ونظر إليها نظرة تكريم واعتزاز، بوصفها إنسانا كامل الأهلية، سواء كانت بنتا أو أختا أو زوجة، وأعطى لكل واحدة منهن حقوقها كاملة غير منقوصة، فحرّم وأد البنات الذي كان عليه أهل الجاهلية، وجعله من الذنوب الكبرى، وفي مقابله أوصى بهن خيرا في التربية، والعناية، والرعاية، والرفق.
واستحضر خطباء الجمعة عددا من مظاهر هذا الاهتمام؛ أبرزها أن الحق سبحانه وتعالى أعطى للأم ثلاثة أرباع الصحبة والبرّ بها؛ كما هو الشأن في جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد صحابته وهو يسأله، وعرفانا للأم بواجب شكرها وبِرها والإحسان إليها، وهي التي عانت حال حملها بولدها من مشقة الحمل، ثم مشقة الوضع، ثم مشقة الرضاع، ثم مشقة التربية، مع ما منحته إياه طوال حياته من حنان، وعطف، ومشاعر فياضة بالرحمة والشفقة.
كما أعطى الإسلام للزوجة حقوقها كاملة بدءا باستئذانها للزواج، واحترام رغبتها والناظر إلى الشريعة بعين الحقيقة يدرك عناية الإسلام بالمرأة، وتأكيده القوي على إكرامها والإحسان إليها، وعدّ هذا الخلق مكرمة في حق الرجال، فبين صلى الله عليه وسلم أن خير الناس هو من أكرم أهله بمن فيهم والداه، وزوجته، وأولاده، وذلك بالإحسان إليهم، والقيام بشؤونهم، ورعايتهم، ومعاشرتهم بالمعروف.
وأبرز الخطباء أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو مثلنا الأسمى، وقدوتنا الحسنة في معاملة أهلنا بالمعروف، والآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والنصوص والوقائع في السيرة النبوية، وسير السلف الصالح، كلها تظافرت لتبين لنا ما متع به الإسلام المرأة من حقوق، وما أوجب لها من واجبات، دون الجهل عليها، أو تعنيفها وإهانة كرامتها بأي شكل من الأشكال.
وشدد الخطباء على أن العنف ليس من الإسلام في شيء، بل مرفوض بجميعِ أشكاله وألوانه، وعدوان الرجل على المرأة كعدوان المرأة على الرجل، مرفوض شرعا، وعقلا وعدلا. ومن أمثلة العنف والعدوان الذي شاع اليوم في بعض الأوساط، وخاصة الشباب منهم: العنف الرقمي، وذلك بسوء استعمال الهاتف، بإرسال كلمات، أو عبارات، أو صور غير لائقة إلى الغير، ولا سيما إلى النساء.
وذكر الخطباء في الشق الثاني من الخطبة إلى أن الهدف الأسمى من خطة تسديد التبليغ، والمقصد الأكبر منها وهي أن يحيى الناس حياة طيبة، ينعمون فيها بالطمأنينة، والسكينة والأمن والأمان، والحد من المشاكل الأسرية كالطلاق، والعنف الأسري وغيرهما، وغاية ديننا الحنيف تهذيب النفس، وضبط الجوارح.
ونبه الخطباء إلى أنه من الخطإ أن تنسب أخطاء المخطئين من المسلمين إلى الإسلام، بل إن ممارساتهم فعل بشري يَعْتَوِرُهُ الخطأ والصواب، فليست العلة في الإسلام، وإنما الآفة في سلوك العباد.
وأشار الخطباء إلى أن الإسلام جاء ليُشجع وليحُث على الممارسات الفضلى، وليحارب الإذايةـ وينفر من الإساءة إلى الإنسان، والحيوان، والبيئة عموما، وليرتقي بتدين الناس، وليقوي إيمانهم بالله، ويغرس فيهم وازع الخوف منه سبحانه وتعالى، ومراقبته في السر والعلن، ويحثهم على الإحسان إلى الخلق وخصوصا النساء.
وخلصت الخطبة إلى أن ظلم المرأة والاعتداء عليها بأي شكل من أشكال الإيذاء، من أبشع أنواع الظلم وأشنعه. فالعنف بكل أشكاله جسديا كان، أو لفظيا، أو غير ذلك، محرم شرعا. فنفى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنف من الرجال الخيرية، وأدانهم، ومقت تصرفهم، وكره عملهم. ودعا الخطباء المسلمين إلى تقوى الله في النساء، وأن يستوصوا بهن خيرا، “فإنه ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم”.