خديجة الصبار : الإبراهيمية مشروع سياسي يستدرج العالم الإسلامي نحو “حلم إسرائيل الكبرى”

نظمت مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين يوم الأربعاء 20 مارس 2024 بمقر المجموعة بالرباط، محاضرة فكرية بعنوان “السياق الاستراتيجي للإبراهيمية وسؤال الهوية”، أطرتها الدكتورة خديجة الصبار عضو سكرتارية مجموعة العمل في موضوع “المخطط الاستراتيجي للإبراهيمية وسؤال الهوية”.

واعتبرت الصبار أن العالم العربي والإسلامي لا يعتني بالأهمية الكبرى للسياق التاريخي، مما يجعله دائما يكرر مجموعة من الأخطاء وعلى رأسها خطأ التطبيع، مشيرة أن أمريكا لا تمتلك نفسها أمام حضارات عمرها ملايين السنوات لأنها أمة بلا تاريخ، ولا تقوم على بنية قومية ولهذا فهي تسعى بالمقابل إلى تقويض جميع البنى القومية ذات الحضور في التاريخ عبر انتقامات متتالية ومختلفة على طريقتها، وهو ما رأيناه حينما دخلت إلى العراق من محو لذاكرة الدول العريقة في التاريخ ونفس الشيء فعلته في سوريا.

وأوضحت المتحدثة، أن الصراع مع الغرب حضاري بين عالم يتطلع إلى الحضارة وعالم يحتكر الحضارة لنفسه، لافتة إلى أن أبرز المحطات التي استدعت الإبراهيمية في السياسة المعاصرة تتعلق بالسعي الأمريكي الغربي لتسوية الصراع الإسلامي مع الصهاينة، لكن أدبيات الكيان تؤكد غير ذلك، مستدلة بما قاله مهندس دولة الكيان “بن غوريون”: “السلام مع العرب مستحيل إن هو إلا وسيلة فحسب أما الغاية فهي الإقامة الكاملة للصهيونية لا يوجد مثل واحد في التاريخ أن أمة فتحت بوابات وطنها للآخرين”، بمعنى أن الصراع سيستمر  إلى أن يسود طرف على الآخر.

واستعرضت الصبار المحطات المسوقة للإبراهيمية، وأولها اتفاقية كامب ديفيد بين أمريكا والسادات، واتفاقية أوسلو بين ياسر عرفات واسحاق رابين، وحينها قال الرئيس الأمريكي بيل كلينتون “لأجل هذا يجب أن نحقق نبوءة أشعيا بأن صرخة العنف لن تسمع في أرضكم ولن تصنع الدمار والخراب داخل حدودكم إن أبناء إبراهيم أي نسل إسحاق وإسماعيل انخلطوا معا في رحلة جريئة”.

وماسبق -تضيف الصبار- مهَّد لعصر جديد من التسامح والسلام من أجل الإزدهار من خلال التسويق للتطبيع، وإشاعة مصطلح ما يسمي باتفاقية أبراهام سنة 2020، أي أن الإبراهيمية مشروع سياسي يستدرج العالم العربي والإسلامي نحو خريطة جديدة للمنطقة، تنمحي  فيها الحدود وهو حلم “إسرائيل الكبرى”، حيث يتم التباحث حول قضايا حساسة محل النزاع بهدوء للتوصل إلى مشترك عبر تقارب الأديان السماوية أو ما يسمى بالأديان الإبراهيمية.

وأشارت عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، أن وضع مصطلح الإبراهيمية والتطبيع الممهد له هو في واقع الأمر سوى مس بالمقدسات الوطنية والقومية والدينية، وحلقة استراتيجية لمنع أي تحالف عربي محتمل مرهون باستئصال إرادة التحدي العربية، وغايته تطويق المجتمع العربي والإسلامي وعزله عن محيطه الجغرافي وتأبيد الاحتلال والإنقسامات وإدامة الصراعات الطائفية والمذهبية وإثارة الفتن. كما عددت المتحدة أهداف الترويج للإبراهيمية:

  • تصفية القضية الفلسطينية
  • تبرئة جرائم الاحتلال
  • إعادة تشكيل الشرق الأوسط وتغيير المنطقة وفق نموذج تهميش الأديان ومسخها
  • تزييف التاريخ وتشويه الأجيال
  •  تدريب الشباب مع غيرهم من أتباع الأديان الإبراهيمية على طقوس دينية مستحدثة باعتبارهم أساس الحركة المجتمعية
  • انتشار الجمعيات النسائية باعتبارها أهم السبل لتحرير المرأة بالمنطقة، وبالأخص التي تعاني من تهميش اقتصادي، بحيث ستربّي أبنائها على الديانة التي ستعتبرها الملاذ الآمن
  • إعادة صياغة العقل وتغيير الذهنية وتشكيل حالة من السذاجة والسطحية الثقافية
  • إهدار المؤسسات وفرض سيطرة دين جديد يكرس سيطرة اليهود

وأكدت الصبار، أن أهم ما في المخطط هو موضوع الهوية، وأن أخطر ما يمكن أن نخسره هو معركة صون الشخصية الوطنية والقومية من المسخ والتبديد، وشددت على أن “مع تبني الإبراهيمية الهادفة لإخضاعنا لقوانينها وقتل ذاكرة الحضارة العربية وخلق واقع عربي جديد للتعايش بناء على التسامح الملغوم يصبح التحدي أعظم”.

وأشارت إلى أنه إلى حدود ثمانينيات القرن الماضي كانت الأسرة والمدرسة حصن المجتمع المنيع ومجال التعليم والعلاقات الاجتماعية المدرسية، أهم مجال لانتشار التصورات وبناء الحس المشترك، إلا أنه لم يعد قادرا على أداء وظيفته لدخول عوامل كثيرة؛ كالإعلام السمعي البصري وثقافة الصورة، وشبكات التواصل الاجتماعي ووسائط أخرى في مجال التنشئة الاجتماعية بدل الأسرة والمدرسة، وأصبحت التصورات الاجتماعية إنتاجا ثقافيا همه تسطيح الوعي ونسخ الهوية الفكرية والثقافية والحضارية ونشر ثقافة الاستهلاك.

يذكر أن محاضرة الصبار، التي قام بتسييرها الأستاذ عبد الرحيم شيخي عضو سكرتارية مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، تأتي في سياق مواصلة التعبئة النضالية الشعبية التي تقودها المجموعة ميدانيا عبر عشرات الفعاليات المركزية والجهوية والمحلية بالموازاة مع معركة طوفان الأقصى المباركة، وفي إطار الفعاليات الرمضانية التي تم إطلاقها تحت شعار: “طوفان رمضان”.

موقع الإصلاح

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى