بخوش يكتب: الشباب المغربي والتطوع

على بعد أيام قليلة سيحتفل العالم باليوم العالمي للتطوع، والذي يخلد  في الخامس من دجنبر من كل سنة. ونقصد بالعمل التطوعي كل نشاط  يقوم به الفرد بإرادته الحرة لتحقيق منفعة عامة دون أن يكون الدافع الرئيسي الحصول على مكأفاة مالية ( تعريف الأمم المتحدة 2002) .

وقد عرف العمل التطوعي في العالم  تطورا ملحوظا في الآونة الأخيرة (تقرير حالة التطوع في العالم لعام 2018 الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة التطوعي)  بفعل انخراط فئات عريضة في مختلف المجتمعات ،  وفي مقدمتها فئة الشباب. فما واقع التطوع في حياة الشباب المغربي اليوم ؟

بداية لا بد من التأكيد على أن التطوع قيمة أصيلة في المجتمع المغربي منذ القديم ،ومظاهر ذلك عديدة ومتنوعة من منطقة لأخرى،  ومن جيل لآخر، وقد بين تقرير حالة التطوع في العالم سنة 2018 أن أعداد المتطوعين في المغرب بلغت 241759  ألفا، غير أن الواقع يبين أن هذا العدد قليل جدا مع بروز أنماط جديدة من التطوع خصوصا التطوع الشبابي .

إن الشباب كما هو معلوم فئة مركزية في مجتمعنا المغربي، وعليها المعول اليوم في تحقيق التنمية المنشودة والتغيير المنتظر، وبالرغم من كل التحديات التي تواجهه، إلا أنه يثبت يوما بعد يوم قدرته على النجاح إن تم إشراكه والوثوق في قدراته .

ففي مجال التطوع مثلا نجد إقبالا متزيدا من طرف الشباب، والدليل على ذلك أن مختلف الأعمال التطوعية النوعية يقوم بها الشباب، وخير مثال مبادرات الاعتناء بالأحياء والدروب والأزقة وتزيينها وإعطائها حلة جديدة، وقد انتشرت هذه المبادرات في مختلف المدن المغربية دون استثناء، ومن نماذج ذلك حملات إيواء المتشردين  والمسنين وحملات توزيع الملابس والأغطية والمواد الغذائية في مختلف المناطق المعزولة والبعيدة، ناهيك عن الحملات الطبية المختلفة، دون أن ننسى مبادرات تزيين المدارس وإعداد فضاءات للقراءة ( مكتبات بالأحياء والحدائق والشواطئ …) وغيرها من المبادرات التطوعية الكثيرة .

إن المبادرات التطوعية الشبابية في تزايد والحمد لله، وعدد الجمعيات في هذا الإطار في تصاعد، لكن بالرغم من ذلك لابد من زيادة الاهتمام بهذا العمل الشبابي وذلك من خلال :

  • تحفيز الشباب على العمل التطوعي وإبراز منافعه على المجتمع، وعلى ذوات الشباب خصوصا ،وهذا الأمر يتطلب إدراج العمل التطوعي في مجالات التربية والتنشئة الاجتماعية، فمثلا يجب أن تضمن في البرامج التعليمية في مختلف الأسلاك التعليمية ،بل جعل العمل التطوعي جزءا من المشروع الدراسي للمتعلم .
  • إيلاء مزيد من الاهتمام من طرف الدولة للعمل التطوعي خصوصا الشبابي منه، من خلال سن تشريعات تسهل وتساعد على ممارسة العمل التطوعي، هذا فضلا عن تمكين المجتمع المدني من آليات كافية للتأطير وتفعيل العمل التطوعي  .
  • إعداد برامج تكوينية متخصصة تستهدف المتطوعين الشباب سواء في الشق النظري أو التطبيقي .
  • إسهام الفاعل المدني في استيعاب وإشراك الشباب في مختلف التظاهرات التطوعية، والعمل على التعريف بذلك باستعمال مختلف الوسائل الممكنة خصوصا الوسائل الإعلامية الرقمية الحديثة .
  • تركيز جهود وسائل الإعلام في تعريف المجتمع بالمبادرات التطوعية، والاحتفاء برموز التطوع في مجتمعنا المغربي خصوصا الشباب منهم .

إن تخليد اليوم العالمي للتطوع مناسبة للوقوف على ما تحقق في هذا المجال وتقييم الحصيلة، وفرصة لاستشراف المستقبل وتوسيع دائرة التطوع ليشمل فئات عريضة من المجتمع خصوصا في صفوف الشباب، ليصبح التطوع مدخلا للتنمية والإصلاح وأداة للرقي بالمجتمع .

ختاما، لابد من التنويه بالجهود التي تقوم بها كل المنظمات التطوعية في العالم لتحقيق المنفعة العامة، وبشكل خاص في بلدنا المغرب الذي يبقى رائدا في محيطه الإقليمي، ولا أدل على ذلك فوز المتطوعين المغاربة بالمراتب الأولى في المسابقات التطوعية على غرار الشاب المغربي حمزة أحادي الذي فاز بجائزة “أحسن مبادرة عربية للتطوع”، خلال مهرجان الشباب العربي للتطوع في دورته الأولى، المنظم بدولة تونس الشقيقة. فكل عام والتطوع في بلدنا بخير ونحو الأفضل .

جمال بخوش

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى