فرانسوا بورغا: الدفاع عن العلمانية يُستخدم بشكل انتقائي ضد المسلمين

عرض المفكر والباحث السياسي الفرنسي البارز فرانسوا بورغا أسباب مناهضة الإسلام في أوساط النخبة والمجتمع في فرنسا، وتحدث عن الجذور التاريخية لهذا الموقف.

وقال بورغا في مقابلة مطولة مع وكالة “الأناضول” أجريت معه في مدينة إسطنبول التركية، إن الدفاع عن العلمانية يُستخدم بشكل انتقائي ضد المسلمين، وليس ضد الكاثوليك أو اليهود. وأضاف أن الجيل الرابع من المهاجرين يطالب بحقوقه المرتبطة بجنسيته الفرنسية، وبحق المشاركة في كتابة تاريخ مواجهته مع فرنسا.

وأشار بورغا إلى أن هذا الأمر لا تقبله غالبية النخبة الحاكمة والمثقفة، وقسم كبير من اليسار في فرنسا. وأوضح الباحث الفرنسي أن الدفاع عن العلمانية، الذي يُستشهد به عادة كسبب لمعارضة الإسلام في المجتمع الفرنسي، ليس في الواقع هو السبب الحقيقي.

وأكد بورغا أن السبب الحقيقي هو أن أبناء المستعمِر الفرنسي لا يريدون رؤية أبناء المستعمَرين يرفعون أصواتهم، ويطالبون بحقوقهم. وأضاف أن “عاملة النظافة في فرنسا يمكنها ارتداء الحجاب دون أي مشكلة على الإطلاق، ولكن إذا أرادت المرأة ارتداء الحجاب، وأن تصبح أستاذة جامعية أو محامية، فهنا تأتي مسالة الدفاع عن العلمانية”.

وأشار المفكر الفرنسي إلى ذريعة يرددها المجتمع الفرنسي، حيث يقول المعادون للإسلام، إنهم ليسوا ضد الإسلام على وجه التحديد، بل ضد ظهور الدين في المجال العام، موضحا أن هذا يعطي موقفا قويا لكل من يريد معارضة الإسلام.

وبخصوص الخلفية الاستعمارية لفرنسا، أوضح بورغا أن تاريخ المواجهة بين فرنسا والمسلمين يعود إلى قرون مضت، لكن بعد الحرب العالمية الثانية، تغيرت الأمور تماما عندما استقدم الفرنسيون آلاف المسلمين لإعادة بناء الاقتصاد.

وقال المتحدث إن الفرنسيين وجدوا أنفسهم بعد ذلك في وضع بدأ فيه الذين استعمروهم (سابقا) في أراضيهم بالظهور في مجتمعهم (حاليا). ويعتقد الباحث السياسي الفرنسي أن المسلمين ليسوا الهدف الوحيد في المجتمع الفرنسي، بل إن ظاهرة “الإسلاموفوبيا” تمتد إلى بعض السود غير المسلمين.

وأضاف بورغا، “إذا رفع مسلم صوته في فرنسا وقال، أريد حقي، فغالبا ما يُعدّ طائفيا أو إسلاميا. ولكن إذا رفع رجل صوته وكان شخصا أسود غير مسلم من مجتمعات جنوب الصحراء؛ فسيعامل بالطريقة نفسها، ولن يعدّ إسلاميا، بل عنصريا”. وأضاف أن مشكلة اليسار هي أنهم ضد الدين، وليس لديهم برامج لمعالجة الإسلاموفوبيا. وتابع، “السؤال الحقيقي الذي يجب طرحه هو: ما إذا كانت فرنسا ستقبل حقيقة السماح للهوية الإسلامية بالظهور في المجال العام دون تجريمها”؟

ويعتقد فرانسوا بورغا أن المسلمين، الذين لا تشارك غالبيتهم في الانتخابات بفرنسا، يجب أن يكونوا أكثر نشاطا في صناديق الاقتراع. ودعا من وصفهم بالمسلمين العلمانيين إلى إدراك أنهم سيكونون الهدف التالي قريبا. ويرى بورغا أن على المسلمين أن يتفاعلوا مع الأحداث ويرفعوا أصواتهم أكثر، وأن يكونوا أكثر نشاطا في السياسة.

ويوضح الباحث الفرنسي أن أغلبية اليمين في فرنسا تريد أن يبدو مواطنوها متشابهين، وترفض فكرة أن الثقافات المختلفة في الأمة نفسها لن تضعفها، واصفا ذلك بالأمر الخطير. وفي السياق قال، إن الدفاع عن العلمانية هذه الأيام أوصل فرنسا إلى طريق مسدود.

ويتوقع بورغا المزيد من المقترحات القانونية التي ستعدّ وجود المسلمين جوهر مشكلات المجتمع الفرنسي، مشيرا إلى تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب، وقال فيها، إنه ربما ينبغي لنا سنّ قوانين جديدة، لمعالجة ما سماه طموحات الإسلام.

وكالات

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى