الوسط بين لغة التدريس وتدريس اللغات – أمسهل إبراهيم

1- اللغات كلها من آيات الله تعالى

اختلاف اللغات هو من بديع صُنع الله وآية من آياته العظيمة، فالله سبحانه وتعالى خلق البشر وجعلهم كلهم ذرية من أصل واحد هو آدم أبو البشر عليه السلام، ثم انتشرت ذريته في سائر بقاع الأرض وتطورت مع الزمن لغاتهم وألوانهم و… قال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ”. (سورة الروم-22). فهذه مشيئة الله في خلقه فجعلهم شعوبا، ولم يجعل التفاضُل بينهم فيما لم يُخيِرهم فيه من لغة أو لون، وإنما التفاضل بالتقوى، قال تعالى: ” يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ “. (الحجرات، 13).

2- تفاضل اللغات

ولم يبعث الله رسله لأممهم ليوَحدوا لغتهم وإنما ليعلمُوهم عقيدة التوحيد والعبادات ومكارم الأخلاق… ولكي يبلغوا رسالات ربهم بيُسر دون معيقات لُغَوية فقد بعثهم بلسان قومهم. قال الله تعالى: ” وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ…” (إبراهيم، 4).

أما الحديث عن لغة أهل الجنة، فالجنة دار جزاء وسيتكلم لغتها كل من دخلها من سائر البشر بعَمله. أما في الدنيا، فلكل شعب لغته، امتزجت بتاريخه وثقافته، فهي رأسمال خاص به، إذا ثمّنه يرتقي به وإذا احتقره ضيعه وضاع معه، والنماذج من الدول تصدق ذلك أو تكذبه.

اللغة العربية اختارها الله تعالى لتكون لغة القرآن، فالله سبحانه يفعل ما يشاء ويختار ما يشاء وقد تكفل بحفظ القرآن وهو من أسباب قوة اللغة العربية بالنظر إلى الكَم الهائل والمتزايد من كتب علوم القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وغيرها، وهذا تشريف للعربية وتكليف لأهلها ليقوموا بأمانة تبليغ رسالة الدين لغيرهم.

3- المعانات الحقيقية مع لغة التدريس في الجامعة.

كنا في الثانوية ننقل من السبورة، ويشرح الأستاذ ويسأل هل فهمنا أم لا، بين موسم دراسي وآخر، التحقنا بالجامعة، صرنا ندْرُس بالفرنسية، حيث الأساتذة يلقون الدروس كلُّ حسب أريحيته، بعضهم يستعمل السبورة نسبيا، بعضهم يكتب فقط بعض المصطلحات والعناوين وبعضهم يُملي فقرات من بعض المراجع، يملون كمَّا هائلا من المصطلحات الجديدة العلمية والفلسفية وأسماء المدارس النظرية الاقتصادية والفلسفية وأسماء روادها…

مستويات الطلبة في إتقان اللغة الفرنسية متفاوتة حسب ظروف كل طالب، لكن حاجز اللغة عائق كبير جعل الكثير منا يتيهون بين الاستماع للشرح والبحث عن المعنى وكتابة الدرس، أحيانا تعترضنا مفردة محورية يستعصي فهمها فيضيع معها خط الأفكار وتسلسلها، فتتحول الحصة أحيانا إلى الإملاء الذاتي مع الفراغات في الكتابة والفهم، فيسأل الطلبة بعضهم “ماذا قال؟” فنظل نبحث بيننا عن الجمل المفقودة، أما الأستاذ فلا ينتظر، فتتسع الهوة بيننا وبين الدرس كتابة وفهما، ويتكرر ذلك ويتراكم من حصة لأخرى. مما يؤدي إلى تقهقر بعض الطلبة وتخليهم للأسف الشديد، ليس بسبب قلة ذكائهم أو كسلهم ولكن بسبب عائق اللغة الأجنبية الذي عطل مسيرتهم الدراسية.

4-  ذاتية المسؤولين الذين يقررون في شأن لغة التدريس.

بداية ينبغي أن نحسن الظن بِأكثرهم، فجُلهم يبحث في النماذج الناجحة، إلا أن الذاتية في التقييم حاضرة بحسب مستواهم الإجتماعي وتكوين بعضهم العربي أو الفرنكوفوني (لعل بعضهم يجد صعوبة في العربية ويرى أن الفرنسية أسهل في نظره).

اختلاف وجهات النظر واردة، لكن حين يتعلق الأمر بتدبير شؤون الدولة فإنه ينبغي التفصيل والتدقيق واعتبار القاعدة الواسعة من أبناء المجتمع وهذا لن يضر النخبة، وهي معادلة اقتصادية واجتماعية، فاللغة ينبغي بالأساس أن تكون جزءا من دورة الإنتاج الداخلي ومنظومته المتكاملة والمتماسكة.

تحييد الذاتية في شأن مصلحة الأمة.

من أجل الموضوعية ينبغي اعتماد المعطيات الواقعية التي توفرها شبكة الإعلاميات حاليا، فنقارن وطنيا مثلا من خلال عينة من التلاميذ:

أ- خلال موسم دراسي معين بين معدل النقط المحصل عليها في الإعدادي (أو الثانوي) بين مادة العربية ومادة الفرنسية،.

ب- بين التعليم العمومي والخصوصي، ومدارس البعثات.

ج-  بين عدد الناجحين في البكالوريا في النسخة المعربة والنسخة المفرنسة…

وهكذا علينا أن نطرح عددا من المقاربات التي من شأنها أن تعطينا صورة عن واقع القاعدة الواسعة للمتمدرسين، فإذا كان في المغاربة نسبة من الأمية في اللغة العربية فما هي نسبتها في اللغات الأجنبية؟

خلال السنوات الأولى التي تعلمنا فيها الفرنسية، بعض التلاميذ تعثروا في تحصيلها إما بسبب عائق شخصي أو لأنهم لم يجدوا المعين في أسرهم أو لكثرة تغيب المعلم أو ضعف منهجيته أو…، في حين تجدهم متفوقين في مواد أخرى، تفاوت قدراتنا بالنسبة لكل المواد أمر بديهي، لكن حين نفرض على التلميذ تعلم مواد علمية باللغة الفرنسية فإنه بدل أن يبقى الإشكال محصورا في مادة الفرنسية يتم تعميمه على المواد الأخرى (العلمية). ونتهم التلميذ بعد ذلك بأنه كسول وفاشل.

من بين الأمور التي ينبه عليها صاحب الجلالة هناك مُرتكزين مهمين وهما الاهتمام بالرأسمال غير المادي ودور القطاع الخاص في التنمية. وفي اعتقادي الخاص فإن اللغة العربية الأم من أهمّ مكونات هذا الرأسمال الذي سنختصر به المسافة نحو المعرفة والعلم ونوفر الجهد والوقت والمال وهي لغة البيان بالنسبة لنا والعكس صحيح بالنسبة للفرنسية.

 5-  رأي البنك الدولي:

إن لم يكن ” أهل مكة أدرى بشعابها “، وإن لم نعتبر بالدول التي تقدمت بلغاتها، أفلا نأخذ برأي البنك الدولي حين أشار في تقريره السنوي العام سنة 1961 أن أحد أسباب المشاكل الإقتصادية للمغرب أنه لا يعتمد اللغة العربية لغة للإدارة والإقتصاد والإعلام والتدريس.

كذلك العلماء والأساتذة الباحثون في الأمر أدركوا أن الدول المتقدمة هي التي تُدرِس بلغتها.

6- المعاناة مع اللغة الفرنسية عند ولوج سوق العمل:

من التجربة الحقيقية من واقع العمل لسنوات، نتلقى طلبات التدريب داخل الشركة من متدربين حاصلين على شواهد فوق البكالوريا (+2 غالبا)، خلال مقابلة اختبار قدرات طالب التدريب نطلب منه كتابة طلب بالفرنسية، بعضهم يمضي وقتا طويلا حتى نتفَقَّده، ثم نعينه ونطلب منه إعادة الكتابة، ومع ذلك نضطر أن نتغاضى وندُس طلبه في ملفه دون أن يَطَّلع عليه أحد حتى يأخذ حظه من التدريب.

خلال الفترة التدريبية نكتشف طاقات شبابية هائلة كنا سنفقدها قبل أن نجربها، لهم قدرة كبيرة على العطاء وسرعة التأقلم والتعلم إلى درجة الإبداع، استفادوا من التجربة ومن المهارات الماثلة أمامهم ثم طوَّروا أدائهم كما استفادت الشركة من تكوينهم في التقنيات الحديثة. بعد ذلك، جلهم انتقلوا مباشرة للعمل في أماكن أخرى.

نتيجة لذلك، وَعينا من خلال التجربة أنه ليس فرضا أن نجْمَد ونتخشب في كل الحالات على المقابلة بالفرنسية وأن نجعل من طلب خطِّي بالفرنسية سَدا منيعا في وجه المتدربين فنسبِّب لهم انتكاسة في أُولى خُطواتهم. أدركنا أنه لم يكن مطلوبا من المتدربين صناعة منتوج حصريا بالفرنسية، ولم نصنعه قبلهم، فهل نسينا معاناتنا مع الفرنسية أم أنه سبيل وحيد وقدر محتوم أن نتوارث العنت؟ الأجدر بنا أن نرحم بعضنا، قال تعالى: “لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (128)” (التوبة).

7- الاستلاب

من زار بعض الدول يلمس مدى تعصبهم للغتهم وقد نجد عندنا من يذوب في لغة الغير، والاعتدال أن يكون المرء منفتحا متواصلا بكل الوسائل مع شيء من الاعتزاز بهويته.

عند الحاجة قد نتكلم في بلدنا لغة غير لغتنا حسب الظروف، لكن قد يكون أحيانا من باب المباهاة، وقد تعجبنا أنفسنا حين نتكلم اللغة الفرنسية أو غيرها، ونفتخر بذلك، قال تعالى: ” اعلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ” (من الآية 20. الحديد)، فنتخذها تعبيرا عن المستوى الاجتماعي أو من لوازم الإتيكيت…، لكن حين يتعلق الأمر بنهضة الأمة فعلى المسؤولين أن يتركوا النوازع الضيقة والفردية للأفراد وأن يتحروا مصلحة القاعدة العريضة للمواطنين وأن ينكَبوا عليها بكل قوة وأمانة، قال تعالى: “إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ” (من الآية 26. القصص).

إن ما أصابنا من استلاب جراء ما وصل إليه الغرب من تقدم أصابنا بالانبهار، فسلَمنا له في كل شيء، أجدني كمن يقف أمام عمارة شاهقة يشرئب بعنقه لعلوها فينقلب إليه البصر بالشعور بالتقزم والنقص، فيعوضه بكراء شقة في تلك العمارة يُشعره بالانتماء إليها مقابل ثمن غال يمتص دخله ويثقل كاهله ويُعيق تنميته. ماذا لو فككنا العقدة التي وقفنا عندها؟ لوجدنا أن من بنوا تلك العمارة نزلوا قبل أن يصعدوا، بدأوها بحفرة تحت مستوى الأرض التي نقف عليها فنزلوا يهيئون أسسها ثم شرعوا في بنائها لبنة لبنة، و لوجدنا كذلك أنها مجرد تركيبة من عُدة ومَواد وتقنية وعمل مهندس وبَنّاء… فَلا نهول الأمر أكثر من اللازم بل علينا أن نرتب الأسباب والمراحل كما يقول المثل: “خطوة إلى الوراء من أجل خطوتين إلى الأمام”، والأجدر بنا أن نستثمر فى بناء عمارتنا نحن، وعلى نخبة البلد من مثقفين وسياسيين… أن يكونوا في الواجهة المتقدمة لإعطاء القدوة في التشبث بمقومات المجتمع وأسباب قوته وتقدمه.

ما للعربية عيب سوانا

نسينا أن العربية مجربَة وأن العرب كانوا بها سادة العالم في الأدب والعلوم،فهي تنتعش بالإستعمال وقد تموت بالإهمال بسببنا، فقد شيد الغرب تماثيل لعظماء علماء العرب في جامعاتهم، وما طمسوه كان أعظم، ماذا لو افترضنا أن دولا مثل روسيا أو اليابان أو ماليزيا أو تركيا… قررت أن تدرس العلوم في بلدها بالفرنسية، فستكون انتكاسة وكارثة يستحيل أن يتخيلها عاقل.

8- الفرنسية والوضع الإعتباري.

هناك اعتبار لهذه المسألة نظرا لواقع الإستثمار الفرنسي والعلاقات المتميزة، لكن هل هناك خصاص بالنظر إلى الحاجيات الحقيقية للشركات الفرنسية من الأطر المغربية التي تتكلم الفرنسية لتدبير علاقاتها بالشركات الأم بالخارج أو للخدمات الإدارية وعلاقاتها مع الزبائن الذين يتواصلون بالفرنسية…؟ أظن أنه لا يوجد خصاص حصري في هذا المسألة لأن هناك عدد كبير من العاطلين الدارسين بالفرنسية تتراكم عدة سنوات. فما هو مقدار الحاجة إليهم؟

9- الأمازيغية بيئتها مغربية.

المغرب يزخر بالتنوع الثقافي والتلاحم بين مكوناته، كل القبائل المغربية شاركت في استقلال البلاد ثم انصهرت في بنائه، و بالتالي فإن الاعتزاز الإيجابي بالأصول هو من مقومات الشخصية المواطنة.

ولهذا يجدر بنا أن نتكلم عن اللغة الأمازيغية في إطار التنمية الإجتماعية والاقتصادية الشاملة، كما أن التنوع والشمولية والعدالة الاجتماعية تقتضي الإعتناء بالمكونات الأخرى من ريفية وحسانية وشمال وشرق وجنوب وغرب…انتماءات متداخلة يخدم بعضها بعض من أجل المصلحة العامة والمتبادلة.

أمازيغي من أب وأم وأعتز بذلك، وكل الناس يعتزون  بأصولهم بلا تعصب، وقد اختلطوا ببعضهم بالمصاهرة والجوار والعمل… ، لكن علينا أن نتجنب ما تثيره قلة قليلة من بعض الحساسيات السلبية،  فلو أن كل قبيلة اتخدت لها “رأس سنة” وعلما وحروفا خاصة ورمزا في العُملة… فإنما هي فتنة.

[ في هذا السياق كتب العالم الجيولوجي العراقي الأصل النرويجي الجنسية، د. فاروق القاسم تحت عنوان “من أي قبيلة أنت؟” :

“لا تحدثني عن ثروة أي بلد وأهله مشحونون بالحقد والعنصرية والمناطقية والجهل والحروب..

نيجيريا من أكثر الدول غنى بالثروات والمعادن، ومن أكبر دول العالم المصدرة للبترول.. ولكن انظر إلى حالها ووضعها.. والسبب أن الإنسان فيها مشبع بالأحقاد العرقية ومحمل بالصراعات!!”.]

في المقابل هناك حاجيات حقيقية لفئة من المواطنين في بعض القرى لا يتكلمون إلا لهجتهم المحلية كالأمازيغية ولا يتقنون الدارجة المغربية وهم في حاجة لخدمات مواتية:

أ- أمام المحكمة يحتاج الأمازيغي الذي لا يتقن الكلام بالعربية لترجمان ليدلي بحجته بكل أريحية ليستطيع الدفاع عن حقه.

ب- أمام الطبيب في المستشفيات العمومية يحتاج للطبيب أو الممرض الذي يفهم كلامه فيعرف مرضه…

ج- قس عليه حاجيات أخرى

هناك حاجيات تنموية تفتقر إليها القرى عموما، تحتاج لدعم الدولة والقطاع الخاص، لكن ماهي الشركات التي ستستثمر في القرى النائية؟ التي لا يميل إليها إلا من هم من أصولها، فالمواطن يحن لأصوله كيفما كانت والمهاجر يتمنى الرجوع لبلده والاستثمار فيها، وهذه خصلة وطبيعة ينبغي تحفيزها، وأعتقد أن المدخل لذلك هو للإقتباس من “عملية التويزة” وتجديدها وتطويرها على أساس أن تكون عملية تشاركية بين الدولة بمؤهلاتها والمحليين بإمكانياتهم (يد عاملة وغيرها) وتجار ومهاجرين من ذوي الأصول، وأن يستمر العُرف فيكون التدبير محليا والدولة مصاحبة.

هذا يقتضي تحريك جل الإمكانيات العامة والخاصة (يد عاملة وخبرة وممتلكات)، ولنا في الإقتصاد الإسلامي طرح وسط وعجيب بين احترام الملكية الفردية والحرص على المصلحة العامة، فلا يقبل مثلا أن لا تُزرع جل الأراضي الفلاحية فتكون البطالة والخصاص في التغدية فتضطر الدولة لإخراج العملة الصعبة من أجل استيرادها وفي هذا مفسدة عامة . وهذا ينطبق على المحلات والأراضي الراقدة سنوات كثيرة، ينبغي أن تستغل بمقابل إلى أن يحتاجها صاحبها فهو أولى بها (وهذا موضوع آخر في قلب الموضوع).

التنمية تحتاج (بعيدا عن إثارة الحساسيات) إلى تجمع من المجتمع المدني من الطاقات الفاعلة والمنتجة في المجتمع من أمازيغ وغيرهم، يعلو صوت هذا التجمع على غيرهم ويكون متعاونا مع الدولة من أجل المصلحة العامة.

وبالنسبة لكتابة الأمازيغية أتسائل لو اعتمدنا الخط العربي (الرأسمال  الغير مادي) الذي دأب الأمازيغ على استعماله، منهم العلماء كالمختار السويي رحمه الله ويستعمله كبار التجار حسب علمي (في درب عمر في الدار البيضاء وغيرها) ويستعمله بقال الحومة (في دفتر السلف وغيره)… أليس في المسألة عنت أن يتعلم المعلم الحروف الجديدة ليعلم بدوره أمازيغية يجهلها لأطفال دكالة والشاوية… ؟ وما مقدار الحاجة لذلك؟ وماذا يكلف ذلك من وقت وجهد ومال ومقررات…؟ ألا يمكن استعمال الخط العربي من أجل تقليص المسافات ويمكِّن المواطن غير الأمازيغي من زيادة التواصل مع الأمازيغي في التجارة السياحة الداخلية وغيرها؟

10- اكتساب اللغات الأجنبية بوابة كبرى للتقدم.

إن يكن للغرب الريادة اليوم في العمران فقد أخذوا من علوم من سبقهم من العرب وغيرهم، ولنا اليوم امتياز مثول النماذج أمامنا، فلنأخذ اللب ونترك القشرة كما فعلوا، والدول اليوم تتربص للاقتباس من بعضها، قال تعالى: ” وفي ذلك فليتنافس المتنافسون”.

حين أخذ الغرب عن العرب لم يُدَرِسوا أبنائهم العربية في مدارسهم بل ترجموا الكتب و استخلصوا ما فيها من علوم و أزاحوا حمولتها الثقافية الإسلامية و لقنوا العلوم لأبنائهم بلغتهم الأم التي سمعوها منذ أن كانوا أجنة في بطون أمهاتهم (حسب ما أثبته العلم) فيسروا لهم هضم العلوم والانتفاع بها مثل الأم حين تأكل الأطعمة المركبة فتتحول إلى حليب في صدرها يسير الهضم نافع لرضيعها.

 ولكي نقتبس منهم نحتاج لأن نتقن لغتهم وخاصة الدول الرائدة في البحث العلمي. الدول تتنافس كذلك في البحث عن أسواق خارجية وعلاقات تجارية وعلاقات دبلوماسية…

نحتاج إذا لرصد الحاجيات وهندسة شعب البحث العلمي والاقتباس التقني والعلاقات الديبلوماسية والتجارية وتقدير المقادير التي على أساسها نؤهل الطاقات كما وكيفا. ثم بعد ذلك تعميم الفائدة على المغاربة بلغتهم بدل أن نترجم البلد، فنستلهم من قول الله تعالى: “وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ” (التوبة).

بالنسبة للبحث العلمي، لدينا نموذج مغربي مهم جدا ينبغي أن نستلهم منه وهو المخترع الكبير عبد الله شقرون رحمه الله صاحب  37 براءة اختراع، والذي حاولت فرنسا ذاتها استقطابه بواسطة عرض جد مغري ( الجنسية الفرنسية وجواز سفر دولي ودعم مالي بحوالي 450 مليار سنتيم)، فاستعصم بذويه!

فلقد مر من بين أيدينا شهيدا علينا، فهو نموذج أزال التهويل وبسَّط الكيف وطرح أسئلة القبل والبعد … فلا ينبغي أن نخجل من تكريمه ولو بعد حين ونحيط بالنموذج دراسة لنجد خريطة الطريق.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى