الفتحاوي تكتب: الحكومة أمام تحديات الوضعية الحالية للماء
هناك تراجع مهول فيما يخص التساقطات المطرية، فالواردات المائية السنوية كانت 11.5 مليار متر3 كمعدل سنوي بين سنتي 1945 و2023، وتراجع المعدل إلى 7.3 مليارات متر3 في العشر سنوات الأخيرة، وانخفض إلى 5.2 مليارات متر3 كمعدل سنوي بين سنتي 2017 و2023، وفي السنتين الأخيرتين المعدل لن يتجاوز ملياري متر3 من الواردات المائية”.
ومتوسط التساقطات الذي يبلغ 154 ميليمتر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام في السنوات الماضية لم يتعد في نفس الفترة من هذه السنة 2023 21 ميليمتر.
كما أن الواردات المائية إلى السدود تراجعت- منذ شهر شتنبر إلى اليوم- إلى أقل من 500 مليون متر3 عوض مليار و500 مليون متر3، مسجلا تراجعا بنسبة 67 في المائة. وقد شمَل شُح الأمطار مناطق كانت معروفة بغزارة التساقطات مثل حوض اللوكوس الذي تراجعت التساقطات فيه خلال هذه الفترة من 282 مليون متر3 في متوسط السنوات الماضية إلى 23 مليون متر3 فقط هذه السنة.
نفس الوضع يشهده حوض سبو الذي تراجعت فيه التساقطات من 750 مليون متر3 إلى 90 مليون متر3 فقط. وكذلك حوض أبي رقراق الذي تراجعت وارداته من 147 مليون متر3 إلى 14 مليون متر3.
وتراجعت واردات سد الوحدة هذه السنة 11 مليون متر3 فقط. وهو الذي كان يتزود خلال هذه الفترة بـ 400 مليون متر3. فيما لا تتجاوز نسبة الملء بسد المسيرة أقل من 1 في المائة، فبالرغم من أن طاقته الاستيعابية 2.7 مليار متر3، فإنه لا يتوفر حاليا إلا على 30 مليون متر3.
و أدى ارتفاع درجات الحرارة بالمملكة إلى تبخر كميات أكبر من المياه، تقدر بمليون و500 ألف متر3 يوميا. في حوض سوس تعرف حقينة السدود عامة وضعية حرجة فعلى سبيل المثال حقينة سد يوسف بن تاشفين 14,44%، وحقينة سد عبد المومن 5,12%، وحقينة سد الأمير مولاي عبد الله 14,96%، أولوز 15,36%، وهي من أهم السدود في حوض سوس. وإجمالا فإن حقينة السدود بسوس بلغت يوم 3 يناير الحالي 11,31 م. م3.
وستأتي 50%من احتياجات المغاربة من الماء الصالح للشرب من مشاريع تحلية مياه البحر في أفق سنة 2030. وتستعمل الطاقات المتجددة في كل محطات تحلية المياه الجديدة لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر.
لذلك نجد أن اتفاقيات الشراكة الجديدة والمبتكرة، الموقعة تحت إشراف جلالة الملك بالإمارات العربية المتحدة، سترصد ميزانية للاستثمار في مشاريع المياه، لضمان تحسن وضعية الماء الصالح للشرب في المناطق الداخلية، وتأمين الماء الصالح للشرب في المناطق الساحلية.
الإشكالات:
هناك إشكال هيكلي وهو تعاقب سنوات الجفاف وغياب الحكامة في تدبير الموارد المالية.
وقد أقر السيد وزير التجهيز والماء مؤخرا بأن الزراعات المسقية تساهم في تعميق المشكل. إذ أن المساحات المسقية أكثر بكثير من القدرات المائية المستقبلية، وهذا ما أوصلنا إلى الوضعية التي نعيش فيها.
تزويد الساكنة القروية بالمياه الصالحة للشرب بات مطلبا أساسيا وملحا ولا بد أن تأخذه الأجندة الحكومية بعين الاعتبار و لتدبير أزمة الماء بالمغرب والحد من آثار الجفاف ، فكثير من القرى خصوصا في المناطق الجبلية أصبحت تعاني الأمَرَّيْن في الحصول على الماء الشروب.
النجاعة المائية:
المغرب من الدول التي ستعاني أكثر على الصعيد الدولي من التغيرات المناخية، وخير دليل على ذلك هو أننا في السنتين الأخيرتين ارتفع مستوى درجة الحرارة بنسبة 1.99 درجة، وعدد كبير من مدن المملكة صارت على أعتاب انقطاع الماء الصالح للشرب إذا استمر انحباس المطر ونقص الموارد المائية للسدود.
الحل المستعجل حاليا هو توعية المواطنين بخطورة المشكل وأن يتحمل الجميع مسؤوليته في اقتصاد الماء.
وعلى الحكومة أن تبذل جهودا ملموسة في هذا المجال وأن تسخر كل إمكانياتها لذلك.
“باش نكونو واضحين كاين مشكل كبير في تبذير الماء، وخاصنا جميعا نبدلو طريقة التعامل مع الماء”.
فالمغرب يعاني جفافا صار ظاهرة هيكلية وضروري وضعه في الاعتبار اثناء استهلاكنا للمياه.
في السابق ركزنا على تنمية العرض من المياه لكننا نسينا تدبير الطلب، اليوم من الضروري أن نشتغل على مسارين:
الأول: التخطيط المستقبلي لكي نحدد ما يمكن فعله لتعبئة الإمكانيات المائية.
الثاني: تدبير الطلب ليكون في حدود الإمكانيات المائية المتاحة.
اللهم اسقي عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحيي بلدك الميت.
نعمية الفتحاوي: عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية