تنديد واسع برفض عميد كلية بالبيضاء توشيح طالبة متفوقة بسبب الكوفية الفلسطينية

لازالت عملية “طوفان الأقصى”، التي اعتبرها مفكرون تطورا استراتيجيا في مسار القضية الفلسطينية، تكشف الأقنعة وتسقط النخب، وتتسبب في رسوب قامات فكرية وسياسية وعلمية وحقوقية في امتحان المبادئ، وشعارات حقوق الإنسان على المستوى العالمي.

وعلى الصعيد الوطني، شهدت جامعات وكليات مغربية ممارسات تناقض حتى الموقف الرسمي للمملكة، من قبيل إغلاق جامعة للحيلولة دون تنظيم نشاط طلابي كما حدث في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، والتخلي عن تنظيم حفل تخرج للحيلولة دون إباء مظاهر دعم القضة الفلسطينية كما حدث في جامعة محمد السادس.

كما أصدرت رئاسة جامعة عبد المالك السعدي قرارا بتوقيف الدراسة لمدة أربعة أيام (20 و21 و22 و23 مارس 2024) بمؤسسات الجامعة وإغلاقها، بسبب نشاط لفصيل طلابي حول غـزة، وما أعقبه من تطويق أمني مكثف لكليات تطوان ومرتيل ومنع الأساتذة من الولوج إليها.

وفي يوم السبت 13 يوليوز 2023، كانت المدرسة العليا للتكنولوجيا في موعد مع حدث مماثل، حيث رفض عميد كلية العلوم بنمسيك بالدار البيضاء تسليم شهادة التخرج لطالبة متفوقة بسبب ارتدائها الكوفية الفلسطينية، تعبيرا عن اتضامنها مع الشعب الفلسطيني الذي يباد في قطاع غزة لأزيد من 9 شهور. 

وأثار موقف عميد الكلية ردود فعل غاضبة من لدن العديد من المغاربة، وذلك بعد انتشار مقطع فيديو يظهر استدعاء العميد لتسليم شهادة التخرج وجائزة التفوق للطالبة، ليبدي اعترضه على ارتداء الطالبة للكوفية الفلسطينية، ومد يده لسحبها، وسط اعترض الطالبة واستهجان الحضور داخل المدرج.

موقف نقابي

وصدرت أولى مواقف نقابات التعليم العالي حول الحادثة، من النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي، عبر مكتب فرعها المحلي بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، حيث أصدرت بيانا استنكاريا تحت عنوان “التصرف الشاذ والأرعن لعميد كلية العلوم بنمسيك”.

وقال البلاغ “أمام هذا التصرف الشاذ والأرعن يعبر مكتب الفرع المحلي للنقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي بالمدرسة العليا للتكنولوجيا باسم أساتذة المؤسسة عن استنكارهم الشديد لسلوك عميد كلية العلوم بنمسيك الذي يتعارض مع الموقف الرسمي للبلاد إزاء القضية الفلسطينية”.

ودعا الأساتذة إلى مزيد من اليقظة لصد كل ما من شأنه أن يخدش الموقف التاريخي والثابت للجامعة المغربية إلى جانب القضية الفلسطينية والوقوف في وجه كل محاولات التنكر لذلك الموقف أو التمرد عليه.. والنصر للمقاومة الفلسطينية.

تفاعل وصمود طلابي

بدوره، تفاعل مكتب الطلاب بالمدرسة العليا للتكنولوجيا، إذ أصدر بيانا استنكاريا شديد اللهجة، واصفا ما وقع عشية يوم السبت 13 يوليوز 2023 بالمدرسة العليا للتكنولوجيا، بـ”الموقف المؤسف وغير المقبول”، أثار استياء وغضب الحضور من أطر تعليمية، وأولياء أمور الطلبة، والطلبة أنفسهم.

وقال المكتب في بيانه “نحن نرى في هذا التصرف إهانة للقيم الأكاديمية والإنسانية التي تقوم عليها مؤسساتنا التعليمية”، مضحا أن ارتداء الكوفية الفلسطينية هو تعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وهو حق يكفله الدستور المغربي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان”.

وطالب بإجراء تحقيق عاجل في هذه الواقعة واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان عدم تكرار مثل هذه التصرفات في المستقبل. داعيا جميع المسؤولين في المؤسسات التعليمية إلى الالتزام بمبادئ النزاهة والعدل واحترام حقوق الطلبة، مؤكدا على احترام حقوق الطلاب في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم بشكل سلمي وحضاري.   

وعلى المستوى الشعبي، أحدث تصرف العميد ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي التي اكتضت بالتعليقات المنددة بسلوكه الذي يصادم حتى الموقف الرسمي للمملكة، وذهبت التعليقات إلى عقد مقارنات بين تصرف العميد وتصرف عمداء في جامعات ومعاهد غربية شكلت محضن الصهيونية.

شخصيات على الخط 

ودخلت شخصيات سياسية وأكاديمية وصحفية على خط الحادثة، وفي هذا الشأن قال وزير العدل والحريات السابق المصطفى الرميد على حسابه بالفايسبوك “إذا صح أن عميدا بكلية مغربية رفض توشيح طالبة لأنها تحمل الكوفية الفلسطينية، فهو جبان لا يستحق العمادة، ومتجرد من الإنسانية لا يستحق الاحترام”.

من جانبه، ندد عبد العالي حامي الدين بتصرف العميد المذكور، قائلا “موقف بئيس لعميد كلية العلوم ابن المسيك المشرف على التقاعد الذي رفض تسليم جائزة التميز لطالبة متفوقة بالمدرسة العليا للتكنولوجيا، بسبب ارتدائها الكوفية الفلسطينية”.

كما كتب الصحافي يونس مسكين معلقا على الحادثة “طبيعي أن يتجه رد الفعل نحو السلوك الوقح للعميد الذي مد يده نحو لباس طالبة وحاول تجريدها من قطعة ثوب باتت تختزل الكثير من المعاني الثمينة”.

وقال الحقوقي خالد البكاري “حين قرأت أول الأمر أن عميد كلية رفض تتويج طالبة متفوقة بسبب وضعها الكوفية على كتفيها، قلت “الله يحسن العوان”، فربما الرجل خائف على منصبه، فلقد شهدنا في السنوات الأخيرة رؤساء جامعات يذعنون لأوامر صادرة من جهة لا نعلمها، فيغلقون أبواب الكليات بسبب ندوة فقط”.

وتابع “ولكن بعد ذلك تبين أن هذا العميد لم يكن سوى ضيفا، فالطالبة تنتسب للمدرسة العليا للتكنولوجيا، فيما هو عميد لكلية العلوم بن مسيك، ولا يفصله عن التقاعد سوى شهور معدودة”.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى