الخلفي يحذر من الفجوة الحاصلة بين المقتضيات الدستورية ووضع اللغة العربية في الواقع

حذّر مصطفى الخلفي في مداخلة له مساء أمس الجمعة بعنوان  “أية سياسة عمومية للنهوض باللغة العربية” في المؤتمر الوطني السابع للغة العربية في محور “اللغة العربية بين المجتمع والسلطة” من الفجوة الحاصلة بين المقتضيات الدستورية والقانونية من جهة ووضع اللغة العربية في الواقع.

وقال وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني السابق في المؤتمر الذي يعقد الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط في موضوع  “السؤال اللغوي والمجتمع المدني”، إننا” وجدنا أنفسنا إزاء سياسة لغوية مشوهة لا علاقة بها بأحكام الدستور والقوانين المعتمدة سواء بالقانون أو القانون الإطار أو المجلس الأعلى للتربية والتكوين، ونتج عن هذه السياسة تدهور على مستوى تحكم في الحد الأدنى من الكفايات وفقا لمؤشر تيمس العالمي”.

ودعا الوزير السابق إلى إطلاق حملة ترافعية تضع لها كهدف إعادة الاعتبار للغة العربية في جدول الأعمال الوطني، والترفع عند مؤسسات الحكامة وعلى رأسها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بغرض تصحيح الاختلالات القائمة وإرساء سياسة عمومية بديلة وأن يكون ترافعا شاملا.

وأكد الخلفي أن المغرب فيما يتعلق بالسياسة العمومية اللغوية إزاء منظومة دستورية وتشريعية معطلة رغم تقدم مجموعة من جوانبها، يعيش اليوم مفارقة غريبة تتعلق بالفجوة بين نصوص دستورية ومقتضيات قانونية متقدمة في عدد من جوانبها وبين واقع يتقدم على خلاف هذه المقتضيات.

وشدد المتحدث على أن القضية الأولى التي يجب على المجتمع المدني أن يشتغل عليها هي العمل على إقرار سياسة عمومية فعلية للنهوض باللغة العربية تنسجم مع أحكام الدستور ومقتضيات القوانين التي تم اعتمادها طيلة السنوات الماضية.

وبسط الخلفي ست محددات لإقرار سياسة عمومية للنهوض باللغة العربية أولها السيادة باعتبار اللغة مؤشر على استقرار الوطن وعن مدى صيانة السيادة الوطنية، ثم الأمن “فلا أمن حقيقي بدون سيادة لغوية” الذي يحقق شروط التماسك الاجتماعي في بلداننا ووجود توتر على المستوى اللغوي سبب من أسباب ارتباك منظومة الأمن بمفهومها العام، وتربط دراسات كثيرة وجود سياسة لغوية فعلية بالأمن اللغوي.

وفيما يخص العنصر الثالث من هذه المحددات، يضيف الخلفي محدد التنوع مؤكدا أنه “إذ لا سياسة لغوية فعلية مبنية على نفي التنوع والتعدد”، والمطلوب سياسة لغوية فعلية منتجة على مستوى صيانة الهوية اللغوية وتحقيق الأمن العام، ويتمثل المحدد الرابع في الانفتاح فلا سياسة لغوية تخضع لمنظور منغلق دوغمائي فلا بد من الانفتاح، إذ لا ندافع عن اللغة العربية بمنظور عرقي أو طائفي أو دوغمائي بل برؤية منفتحة.

واختار الخلفي التنمية كمحدد خامس لإقرار سياسة عمومية فعلية للنهوض باللغة العربية، فلا سياسة لغوية فعلية مبنية على بدون تنمية، وبالتالي سياسة لغوية لا تضع ضمن أهدافها الإسهام في نهضة المجتمع لا يمكن اعتبارها سياسة لغوية حقيقية منتجة لأثارها.

وانطلق القيادي في حزب العدالة والتنمية ضمن هذه المحددات لتشخيص الوضع الحالي مقدما نقدا ذاتيا لأنه في التجربة المغربية خلال العشر سنوات الماضيةالتي لم تنخرط فيها القوى الوطنية بالشكل المطلوب في تحقيق هدفها من الأهداف الأساسية المرتبطة في بلادنا ببرامجها المتعلقة بقضية اللغة العربية.

واعترف الخلفي بتحقق بعض الأمور الإيجابية في النهوض باللغة العربية، لكن في المحصلة العامة يرى أنها محصلة سلبية، لهذا لا مناص من أن تحمل مسؤوليتنا في الإعلان عن أن هنالك إخفاق حصل لا بد من تحمل مسؤوليته وتبعاته.

واعتبر في هذا الإطار، أن أي تشخيص لا ينطلق من هذا المعطى هو تشخيص مجانب للواقع من خلال التزام الدولة بتنمية واستعمال اللغة العربية المنصوص عليه في الدستور، ومقتضيات قانونية متعددة في مجالات مختلفة.

وأضاف الرئيس السابق للمركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة “نحن إزاء سياسة فعلية انبثقت من مقتضيات نموذج تنموي لكن إرهاصاتها بدأت منذ سنة 2013 مع مفهوم البكالوريا الدولية وما ارتبط بها وأخذت هذه السياسة تترسخ نحو فرنسة فعلية للتدريس وخاصة تدريس المواد العلمية وامتد الأمر إلى التاريخ والجغرافيا وإلى مواد متعددة”.

وانتقد اعتماد السياسة اللغوية المتبعة بمقتضى دوريات أو مناشير بدون نصوص تنظيمية منبثقة عن نصوص قانون وبدون استطلاع رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، التي تسارعت منذ 2018و2019 وهي السنة التي تم إنجاز مؤشر تيمس الذي تصدره الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي.

وأطر الجلسة العلمية الأولى ضمن أشغال المؤتمر الوطني السابع للغة العربية، إلى جانب الأستاذ مصطفى الخلفي كل من الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري في مداخلة بعنوان “إدارة اللغة العربية بين الدولة والمجتمع”، والدكتور عبد القادر الشاوي في مداخلة بعنوان “اللغة والمجتمع”.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى