الإدريسي يكتب: حركة التوحيد والإصلاح في ذكرى الوحدة والتأسيس

في 31 غُشت من كل عام تُحيي  حركة  التوحيد  والإصلاح  ذِكرى  الوحدة والتّأسيس، والتي انعقد جمعها العام التأسيسي والاندِماجي بين حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي يوم السبت 15 ربيع الآخر1417هـ/المو31 غشت 1996م بمدينة الرّباط، والذي أسفَر عن انتخاب قيادة جديدة لمرحلة  انتقالية من  سنتين 1996-1998 برئاسة  الدكتور  أحمد  الرّيسوني  ونيابة  كل من  المهندس عبد  الله  بَهَا  رحمه الله  تعالى، والدكتور أحمد  العمَّاري، وعضوية كل من الأساتذة : عبد الناصر التيجاني، محمد أمناس، عبد الإلاه بنكيران، عبد الرّزاق لمروروي رحمه الله تعالى، محمد عز الدين التوفيق، الأمين بوخبزة، محمد الحمداوي، سعد الدين العثماني، محمد يتيم، أحمد المشتالي.

شكّلت  الوحدة  المباركة بين  الهيئتين حدثًا  استثنائيا  داخل المغرب وخارجه،  ذلك  أنها الوحدة  جاءت في  سياق الانشقاق والانقسام والانفصال داخل  الأحزاب والهيئات والتنظيمات،  وقد  ذَكر الدكتور  أحمد  الريسوني  في  كتابه ” ذكريات  أحمد  الريسوني   من  رعي  الغنم  إلى  رئاسة  اتحاد  العلماء، إسهام  في  التأريخ  للحركة  الإسلامية المغربية”  الطبعة الأولى 2023م، أن مسار المبادرة الوحدوية كان طويلا وشاقا ونتيجة لحوارات عميقة وماراطونية بين الفصائل ورموزها وقياداتها، وأما الأمر الذي سرع من الوحدة ويسرها هو المشترك المبدئي الذي كان عند الهيئتين، والمتمثل في العناصر الثلاثة:

1-        المرجعية العُليا للكتاب والسنة

2-        القَرار بالشورى الملزمة

3-        اختيار المسْؤولين بالانتخاب

وقد أكد البيان التأسيسي أن الوحدة “مكسب إيجابي لعموم الوطن والشعب المغربي، وأن هدف الحركة سيظل هو المساهمة في إقامة الدين وفسح المجال للتعاون على الالتزام به عقيدة وعبادة وسلوكا، والمساهمة في خدمة المجتمع وفق قيم الإسلام وشريعته.

كما نَصّ البيان أن سبيلها ومنهجها في ذلك هو” الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والدفع بالتي هي أحسن، والتفاهم والتعاون مع كل من يعمل لخدمَة الأمة وترقيتها والنهوض بها، في ظل المشروعية الدستورية والقانونية لبلدنا.

إن نجاح الوحدة المباركة في تِلكم المرحلة الحرجة والمعقدة من تاريخ المغرب عُموما والحركة الإسلامية خصوصا، كان نتيجة لعمل قيادة حكيمة متبصِّرة مَرنة جسدها المكتب التنفيذي، وتفاعل إيجابي مثمر من طرف عموم الأعضاء والهيئات التنظيمية الجهوية الإقليمية والمحلية، وقد رافق ذلك مجهود فكري وتربوي وتواصلي وتأطيري من أجل تحقيق الانسجام والألفة بين أعضاء الهيئتين، وذلك الذي كان والحمد لله.

بعد الوحدة والتأسيس، كان حضور الحركة في المشهد الدعوي والتدافع المجتمعي و بمشروعها الإصلاحي لافتا وبارزا ومؤثرا سواء من  خلال  عمل  التخصصات  الذي  أبدعته وعمقته برؤى تصورية و أوراق مؤطرة ونماذج ميدانية والذي يُعتبر تجربة ملهمة  داخل  المغرب وخارجه، أو من  خلال  الهيئات  الشريكة  التي  استصحبت خاصية الرسالية  في  مجال اشتغالها، والتي  أبلى  فيها  أعضاؤها البَلاء الحسن  في مختلف المسؤوليات التي تقلدوها، وقدموا فيها نموذجا راقيا في الأمانة  ونظافة  اليد ،  هذه الخاصية -الرسالية- جعلتها من  خصائصها  المنهجية  وضمنتها في الميثاق  المُراجع سنة  2019م.

بالإضافة إلى ذلك استطاعت الحركة أن تقدم نموذجا فريدا في تولي المسؤوليات التنظيمية، يعتمد الشفافية والمصداقية والحرية في الترشيح والانتخاب، وليس الترشح والتعيين، في جميع المستويات القيادية، من رئيس الحركة إلى  مسؤول  الفرع، وقد  تولى  رئاسة  الحركة  كل  من  الدكتور  أحمد  الريسوني 1996 إلى  2003، ثم  المهندس  محمد  الحمداوي 2003إلى  2014، ثم  المهندس عبد الرحيم  الشيخي 2014إلى  2022م ثم  الدكتور أوس الرمال  2022 إلى يوم  الناس هذا، نسأل الله  أن  يتقبل  منهم  جميعا، وهذا  التداول على  رئاسة  الحركة  بشكل  شوري وديمقراطي  نادر  لا  نجده  في أغلب  التنظيمات والهيئات.

في ذات السيّاق استطاعت الحركة  أن تطور من أدائها وتجود من فعاليتها من خلال الاشتغال بمقاربة التخطيط الاستراتيجي فكرا وممارسة، والذي يعتبر من السّمات الأساسية لعمل الحركة في مجالات التدافع الحضاري، هذه المقاربة جعلت الحركة قادرة على مواكبة التحولات والاستجابة للتحديات داخليا وخارجيا.

إن تجربة التّأسيس من خلال الوحدة الاندماجية المباركة في حاجَة إلى تأريخ دقيق لكل حيثياتها وملابستها، ورصد لكل الوثائق والمواقف والعوامل التي أسهمت في نجاحها، واستخلاص الدّروس والعبر والسنن التي يمكن أن تسُهم في ترشيد وتمتين مسيرة العمل الإسلامي، وهذا يستدعي انخراط كل الفاعلين والمساهمين في هذا الحدث العظيم والاستثنائي.

اللهم جدد الرحمات الزكيات الطيبَات النديات على إخواننا وأخواتنا الذي التحقوا بالرفيق الأعلى، اللهم اشمل  جميع  موتى  المسلمين بعطفك وكرمك وجودك يا أرحم  الراحمين، يا رب العالمين.

عبد العزيز الإدريسي عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح

مكناسة الزيتون في 14 صفر الخير1445هـ/31غشت  2023م

 

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى