الإدريسي: تطبيق “قانون الطوارئ الصحية” خالف مبدأي عدم رجعية القوانين وشرعية الجريمة والعقاب

قال الأستاذ عبد الصمد الإدريسي؛ رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان أن المغرب اختار طريقا وسطا في تعاطيه مع الجائحة فيما يخص الإطار العام الواقعي والقانوني، لأن بعض الأنظمة السياسية اختارت أن تغلق وأن تتخذ قرارات دون أن تستند على مرجعية قانونية وهناك أنظمة اختارت أن تؤسس لذلك من الناحية القانونية.

وأوضح الإدريسي خلال مداخلة له بندوة نظمتها اللجنة الحقوقية لحركة التوحيد والإصلاح أمس الجمعة أن المغرب منذ إعلان الحجر الصحي وبدايته في 20 مارس 2020 والمجلس الحكومي اجتمع يوم 23 مارس أي 3 أيام بعد إعلان الحجر الصحي ومباشرة يوم 24 مارس صدر بالجريدة الرسمية المرسوم بقانون الذي يؤطر حالة الطوارئ الصحية، وبطبيعة الحال ليس هناك أي مرجع لتسمية الطوارئ الصحية لا في الدستور ولا في غيره، وكان لأول مرة ينحت هذه العبارة لكن جاءت بقالب قانوني لأنه كنا نعيش في مارس 2020 ما يسمى بفترة العطلة البرلمانية والتي تتيح للحكومة آنذاك أن تشرع لأننا في فترة ما بين دورتين لأن الدورة الخريفية تنتهي في فبراير والدورة الربيعية تبدأ في أبريل معنى ذلك أننا كنا نعيش في فترة عطلة برلمانية.

وأشار رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان إلى أن أول ملاحظة يمكن أن تتثار بخصوص حالة الطوارئ الصحية أننا طبقنا هذا القانون أي المرسوم بقانون الذي جاءت به الحكومة في العطلة البرلمانية ثم صادق عليه البرلمان وطبقناه بأثر رجعي، ويمكن أن نقول أنه هنا كانت أول مخالفة قانونية تسجل في تعامل الدولة مع حالة الطوارئ الصحية بحيث أن الحجر الصحي بكل ما جاء به من قيود على الحريات والحقوق بدأ يوم 20 مارس لكن القانون المؤطر له نشر يوم 24 مارس بمعنى أننا عشنا أربعة إلى خمسة أيام خارج القانون وجاء القانون يوم 24 ليطبق بأثر رجعي على الأيام التي قبله وطبعا عندما نقول طبق بأثر رجعي فهو ينسحب على كل الإجراءات التي طبقت، وهذه ملاحظة من الناحية القانونية يجب أن إثارتها لأنه في الوقت آنذاك لم تأخذ حقها الكافي من النقاش رغم أنه أثارها البعض وهذه مسألة دستورية والقانون لا يمكن أن يطبق بأثر رجعي.

وأضاف الإدريسي ” ثم تضمن قانون الطوارئ الصحية أيضا في مادة  أثرها ينسحب إلى اليوم وهي التي تمس مبدأ كبيرا في المنظومة الجنائية والقانون الجنائي والتي تسمى مبدأ شرعية التجريم والعقاب. كما تعلمون من الناحية الجنائية لا يمكن أن نجرم أي فعل إلا بقانون ، لكن مرسوم الطوارئ الصحية الذي أصبح بعد ذلك قانون يحدد الجرائم بناء على قرارات السلطات العمومية وهاته المادة تعطي للسلطات العمومية وللسادة الولاة وللعمال الإمكانية لكي يجرموا أي فعل بين عشية وضحاها، لذلك لاحظتم أننا خلال هذين السنتين من 20 مارس 2020 إلى اليوم عدد من الأشياء ممكن اليوم لا تكون مجرمة وغدا تصبح مجرمة بمقتضى قرار وزير الداخلية أو وزير الصحة أو قرار عامل أو والي، وهذا خلق لنا ارتباك، مثلا في موضوع الكمامة كان الناس يتساءلون هل حمل الكمامة مجرم أم غير مجرم واليوم يكون غير مجرم وغدا يصدر وزير الداخلية قرارا ويصبح مجرما.

وأكد رئيس منتدى الكرامة في هذا السياق أنه لا حق للسلطات المغربية أن تجرم أو أن توقع عقوبة إلا بالقانون وليس بقرارات السلطات العمومية ولا قرارات الولاة أو العمال. وبطبيعة الحال المرسوم الذي هو اليوم قانون حدد العقوبة وحددها في شهر سجن أو مخالفة 300 إلى 1500 درهما والعقوبة ليس فيها أي إشكال لأنها شرعت بالقانون، لكن الجريمة اصبحت متروكة للسلطات العمومية، وبالنسبة لهذا فهو إشكال كبير في علاقته بشرعية التجريم والعقاب كمبدإ أساسي ومهم في منظومة القانون الجنائي، ولذلك هذه ثاني ملاحظة يمكن أن تسجل من الناحية النظرية قبل النزول إلى التطبيق.

ونبه الإدريسي في هذا الإطار أنه إذا تحدثنا في التنزيل يمكن أن نقول طيلة هذين السنتين سجلت عدد من الملاحظات في عدد المراحل كان عدد المعتقلين المسجلين في الحراسة النظرية نجد حتى 90 بالمائة منهم بسبب قانون الطوارئ الصحية، لذلك يطرح إشكال كبير في علاقتها بالحريات بالمس بحريات الناس وحقوقهم بحيث أن القانون يتيح بإمكانية الغرامات ويتيح إمكانية الاستماع للمتهم وتركه في حالة سراح لكن نلاحظ أن السلطات العمومية كانت تلجأ بشكل كبير جدا لإيداع الناس في الحراسة النظرية مع ما كان يسبب ذلك من إشكالات من الناحية الصحية، ونحن نعرف آنذاك أننا كنا نعيش الحجر الصحي.

ويمكن أن نقول – يضيف رئيس المنتدى – أنه طيلة تلك الفترة مع الخروقات التي سجلت في تنزيل قانون الطوارئ الصحية ظهر لدينا نوعين من رجال  إنفاذ القانون ورجال السلطة. لذلك لاحظتم أن الناس أصبحوا يتحدثون عن أشخاص أصبحوا مشهورين من قياد ورجال أمن  لأنهم تعاملوا مع إنفاذ إجراءات قانون الطوارئ الصحية بشكل مرن وبشكل فيه شرح للناس وبالمقابل ظهر أناس يطبقونه بشكل ليس فيه ليونة وفيه عنف أكثر.

يذكر أن اللجنة الحقوقية لحركة التوحيد والإصلاح عقدت أمس الجمعة 10 دجنبر ندوة حقوقية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان في موضوع “واقع الحقوق والحريات العامة في ظل إجراءات حالة الطوارئ الصحية “، والتي تم بثها عبر تطبيق زووم وعلى صفحة الحركة على الفيسبوك.

وتأتي هذه الندوة الذي نظمتها اللجنة الحقوقية للحركة حسب الأستاذ رشيد فلولي بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يصادف العاشر من دجنبر من كل سنة . وإحياء هذه الذكرى هي مناسبة لاستحضار اليوم الذي اعتمدت فيه الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 كأساس لنظام موسع يهدف إلى حماية حقوق الإنسان وهذه المناسبة تتجدد سنويا كمحطة للتأكيد على المطالبات بتفعيل الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وتكريسه واقعيا حماية لحقوق الإنسان على مستوى العالم.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى