اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية نهاية دجنبر المقبل

أعلن المفكر العربي عزمي بشارة المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عن اكتمال عمل معجم الدوحة التاريخي للغة العربية في نهاية دجنبر المقبل 2025. 

جاء ذلك بعد 13 عاما من العمل المتواصل في مشروع لغويّ رائد أسهم فيه مئات الخبراء من مختلف البلدان العربيّة أبرزهم من المغرب؛ ويتعلق الأمر بالمدير التنفيذي للمعجم عز الدين البوشيخي وأعضاء المجلس العلمي؛ الشاهد البوشيخي وعبد العلي الودغيري وعبد القادر الفاسي الفهري .

واعتبر بشارة في ورقة منشورة على موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن إعداد المعجم تم في بيئة حاسوبيّة متطوّرة، بإدارة ناجعة ورصينة وإشراف من مجلس علميّ يضمّ خيرة علماء العربيّة، وبدعم مثابر من دولة قطر.

وبلغ عدد مداخل معجم الدوحة التاريخي للغة العربيّة 300 ألف مدخل معجميّ؛ بما في ذلك المداخل المستخلصة من النقوش والنصوص، علاوة على جذور النظائر من اللغات الساميّة.

واعتبر بشارة أن كلمة “اكتمال” جاءت في الورقة لأن المعجم التاريخيّ لا يكتمل فعلا ونهائيّا. وأن ما اكتمل هو المشروع الكبير الذي تبنّاه المركز العربيّ للأبحاث، الذي أخذ على عاتقه مهمّة تتبّع تغيّر معاني ألفاظ العربيّة تاريخيًّا، مفردات ومصطلحات، في سياقاتها الاستعماليّة.

واستخدم المعجم الشواهد من النصوص، وأصول الألفاظ الأعجميّة التي تعرّبت، مع محاولة تحديد تاريخ أوّل ظهور للّفظ في النصوص المكتوبة، ثمّ تحديد تاريخ المعاني الجديدة التي اكتسبها في سياقاتها وشواهدها؛ وهي عملية عسيرة حين يتعلق الأمر بنصوص ما قبل عصر التدوين.

وأشار بشارة إلى أن مدوّنة اللغة العربيّة جُمعت خلال عقد كامل بمنهجيّة وشموليّة لم تعرفها لغتنا من قبلُ. وسُخِّرت التقنيّات الحديثة في تصنيف المدوّنة والبحث فيها.

واستند خبراء التحرير في بناء مداخل ألفاظ اللغة العربيّة ومعانيها إلى البحث في سياقات مدوّنة رئيسة أعدّها خبراء الحوسبة في المعجم تحمل اسم “مدوّنة المعجم المفتوحة”؛ وهي مُعدّة لخدمة المعجم خصوصًا وفقًا لمعاييره في جمع المصادر والوثائق وانتقائها، والتأريخ للنصوص، وربط الألفاظ بسياقاتها.

وبلغ عدد كلمات المعجم نحو 600 مليون كلمة تدعمها مدوّنة حديثة مُلحقَة بالمعايير ذاتها يبلغ عدد كلماتها نحو 400 مليون كلمة. وتُعزّز هذه المدوّنة مدوّنتان أُخريان، هما: “مدوّنة الويب العربيّة” التي يبلغ حجمها في نسختها الحديثة 6.5 مليارات كلمة، ومدوّنة الويب العربيّة المختومة زمنيًّا، التي يبلغ حجمها في نسختها الحديثة نحو 5 مليارات كلمة. وتُشكلان معًا فضاءً واسعًا للبحث عن ألفاظ اللغة العربيّة ومعانيها المستعملَة في النصوص.

ولفت المفكر الفلسطيني إلى أن معجم الدوحة التاريخيّ اختار الطريق الصعب، وهو البحث في مصادر الألفاظ الأصليّة بدلًا من الاستناد إلى المعاجم؛ فهي ليست مصادر استعماليّة حيّة. وهذا ما دعا الخبراء إلى بناء هذه المدوّنة الضخمة التي تشمل جميع المجالات المعرفيّة، وتفيد في استخداماتٍ لا حصر لها؛ بحثيّة وغير بحثيّة، فضلًا عن استخدامها في صناعة المعجم.

وكشف عزمي بشار عن وجود ست تحدّيّات موضوعيّة يمكن تجاوزها في المعجم وهي تحدّي ضخامة المتن اللغويّ، وتحدّي البحث عن الألفاظ والمعاني الجديدة في كتلة نصّية ضخمة، وتحدّي المصطلحات، وتحدّي الألفاظ الأعجميّة، وتحدّي ضمان الجودة، إضافة إلى تحدّي الوفاء بالإطار الزمنيّ المتاح.

وصُمِّمت منصّة حاسوبية تربط الخبراء بالمدوّنة، وأُديرت من خلالها عمليّة التحرير والمراجعة والتدقيق والاعتماد، وصولًا إلى النشر على البوّابة الإلكترونيّة، التي فُتحت لعموم القرّاء منذ نهاية المرحلة الأولى؛ أي بعد أن وصلت معالجة معاني الألفاظ إلى عام 200هـ، وذلك في حفل إطلاق المعجم في 10 دجنبر 2018.

واستقرّ قرار المجلس العلمي للمعجم على النشر على شبكة الإنترنت وعدم طباعة المعجم الضخم ورقيًّا في المرحلة الراهنة، ليس من أجل إتاحة فائدة لأكبر عدد من القرّاء فحسب، ولا سيّما الباحثين، بل أيضا لإتاحة فرصة أطول للتدقيق والتجويد، وسماع ملاحظات الباحثين والقرّاء؛ فهذه مسؤولية عظيمة، وهذا مشروع أمّة.

وكان المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات قد أعلن مع نهاية عام 2022 عن إتمام المرحلة الثانية من المعجم الممتدّة تاريخيًّا حتى نهاية القرن الخامس الهجريّ، الموافق لبداية القرن الحادي عشر الميلاديّ. وونشرت موادّه المحرّرة على مدى عشرة قرون في بوّابة المعجم الإلكترونيّة التي ناهزت نحو 200 ألف مدخل معجميّ. وشرع المجلس العلمي في استكمال تحرير الموادّ حتى نهاية عام 2023، بعد إتمام إعداد ببليوغرافيا المرحلة الثالثة والمدوّنة النصّية وتحديث بيئة العمل الحاسوبيّة.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى