وماذا إذا رحلت؟ – عبد الحق لمهى

قد يتبادر إلى ذهن كل واحد منا سؤال حول مستقبل ذريته وأولاده بعد مماته، كيف سيكون حالهم بعده؟ ما مصيرهم فيها؟ من لهم بعد وفاته؟ هل سيجدون من يوفر لهم ما يحتاجونه من الطعام والشراب وما شابهه؟ من يرعى شؤون دراستهم؟ من يراقب أحوالهم النفسية؟ من يفرج همهم إذا حزنوا؟ من يؤنسهم من وحشة وغم؟ من يرافقهم إلى المدرسة؟ ومن يربيهم على قيم الخير والصلاح وينبههم على سيء الأخلاق وسفساف الأمور؟ من يقف إلى جانبهم يوم الامتحان واجتياز المباريات؟ ومن يحضر حفل زفافهم وقبل ذلك من يعينهم على اختيار الزوج الصالح؟ ومن يبعث حكما من أهله إلى ذرتيه ليدخل في خلاف أسري؟ من يحفظ لهم أموالهم التي بقيت بعد هلاك وليهم، فلا تضيع منهم؟ من يقف بجنبهم حال الضراء من مرض ألم بهم؟ من يبتسم في وجوههم إذا حزنوا؟ ومن ومن…؟.

كل هذا طبيعة في النفس البشرية تبحث له عن جواب، لعل الناظر في كتاب الله عز وجل سيجد لا محالة ما تطمئن إليه نفسه وتهدأ له روحه من الأجوبة، فالذي خلق النفس البشرية آباء وذرية أرحم بهم من بعضهم بعضا، وأحرص عليهم من حرصهم على أنفسهم وأولادهم، وهذا يقين في الله ثابت لا يحسن بمؤمن بالله حقا وصدقا إلا أن يسلم به، ومن سوء الأدب مع الله سبحانه الشك في عشر معشار ما ذكرنا من مظاهر جلاله وجماله جل وعلا.

لقد علمنا القرآن الكريم ارتباطا بهذه القضية أن المطلوب أساسا هو حرص المؤمن على الاستقامة في نفسه هو أولا، فإن فعل ذلك لاشك يكون هذا من أسباب حفظ ذريته بعده.

إن في استقامة العبد على طاعة الله في هذه الحياة الدنيا جوابا على كل الأسئلة السالفة الذكر، وما قصة الجدار الذي أقامه معلم موسى عليه السلام، وقد كان كما هو معلوم لغلامين يتيمين في المدينة، إلا أكبر دليل على ذلك، فما سر فعل هذا المعلم لهذا الجدار؟إنه سبب من الأسباب ساقه الله لحفظ ممتلكات الغلامين، ولم حفظ الله لهما ذلك. لقد أجاب القران الكريم عن ذلك وعلله بكون أب اليتيمين كان صالحا، واقرأ إن شئت قوله تعالى “وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي  ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا” الكهف ، 82  وقد استفيد منها: “أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه، وفي ذريته.” [1]

ومنه؛ فالمطلوب من الإنسان في هذه الحياة هو أن يجتهد في إصلاح نفسه وعمله؛ فإن الله متول ذرية الإنسان بما كان من صلاحه في هذه الدنيا والله المستعان.

[1]تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي ،  تحقيق ،عبد الرحمن بن معلا اللويحق، {1/482 }الطبعة : الأولى 1420هـ -2000 ممؤسسة الرسالة ،

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى