هل يمكن للمسافر الذي أفطر في رمضان أن يجهر بذلك؟

الإفطار في السفر رخصة منحها الله تعالى لعباده توسعة عليهم وتخفيفا من معاناتهم ورفعا للمشقة التي يلقونها في السفر، وهذه الرخص هي تجل من تجليات رحمة الله تعالى ورأفته بعباده، ومن حق المسافر أن يتمتع بها فيفطر في نهار رمضان على اساس أن يقضيه خارج رمضان.
وقد كان الصحابة يسافرون في رمضان فيفطر بعضهم ويصوم آخرون دون أن يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم. 
أما عن إتيان هذه الرخصة سرا أو جهرا فقد أفطر النبي صلى الله عليه وسلم جهارا امام الصحابة عندما كان مسافرا متجها إلى مكة فاتحا، حيث تناول كأس لبن وشربه أمام الصحابة حتى يرفع عنهم الحرج. 
وعليه فإن احتاج الصائم المسافر إلى الإفطار فله الحق في ذلك سرا أو جهرا، ولا يحق لأحد أن يعيب عليه، لأنه أتى أمرا مشروعا في الدين من الوجه الذي شرعه الله تعالى ولم يأته استهتارا بشعيرة الصيام أو هتكا لحرمة رمضان.
وإن وجد نفسه بين أشخاص قد لا يعرفون مشروعية الإباحة ولا يفهمون وجه الحكمة منها مما قد يدفعهم إلى الإنكار عليه والتشنيع به فالأولى له أن يستر نفسه عنهم صيانة لعرض الشريعة أولا وصيانة لعرضه ثانيا وهما معا أمران مقصودان في الشريعة الإسلامية.
ولمثل هذا المعنى ترك النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأعمال المشروعة مثل إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام وقال لعائشة رضي الله عنها: لولا حدثان عهد قومك بالكفر لنقضت البيت وأعدت بناءه على قواعد إبراهيم. 
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما انت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة، والله تعالى أعلم.
الدكتور مصطفى قرطاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى