متخصصون يقاربون قضية الإجهاض في المجتمع المغربي من جوانب متعددة

بحضور الأستاذ عبد الرحيم شيخي؛ رئيس حركة التوحيد والإصلاح، ناقش ثلة من المتخصصين في ندوة علمية عقدها مركز المقاصد للدراسات والبحوث، مساء اليوم الخميس، “قضية الإجهاض في المجتمع المغربي: مقاربة شرعية وقانونية وطبية” بمقر نادي المحامين بحي المحيط بالرباط.

وأطر الندوة التي قام بتسييرها الدكتور الحسين الموس، نائب مدير مركز المقاصد،  كل من :الدكتور عبد الله الجباري؛ باحث في العلوم الشرعية، الذي عرض الجانب الشرعي والتأصيلي للموضوع، والطبيبة الدكتورة حنان الإدريسي، التي عرضت الجانب الطبي والصحي والحقوقي، والمحامي الدكتور نجيب البقالي حيث عرض الجانب القانوني، والمحامي الدكتور صلاح الدين عبد العالي الذي عرض التجارب المقارنة في التعامل مع الإجهاض.

خمسة آراء فقهية أساسية تؤطر نقاش الإجهاض في الشرع

بعد أن استهل عرضه بمقدمة حول ماهية وأنواع الحريات الفردية، استعرض الباحث في العلوم الشرعية؛ الدكتور عبد الله الجباري، الآراء الفقهية أساسية حول قضية الإجهاض في الشريعة الإسلامية.

وحصر الجباري هذه الآراء الفقهية في خمسة وهي الحرمة بعد 120 يوم والإباحة داخل 120 يوم والإباحة داخل 80 يوم والإباحة داخل 40 يوم والمنع المطلق.

واعتبر الجباري أن ليس كل ما يطالب به دعاة الإجهاض مرفوض وأن الفقهاء مجمعون بجميع المذاهب على رأي حرمة الجنين بعد 120 يوم مستدلا بهذه الآراء الفقهية.

وأكد الباحث في العلوم الشرعية أن الإنجاب ليس المقصد الأساسي للزواج بل الإحصان والعفاف، كونه مقصد عرضي وليس أصلي، معتبرا أن الرأي الذي يتبناه هو الإباحة داخل 40 يوما وهذا لا يعني في أي حال من الأحوال أن نفرض آراءنا على الدولة التي لها التقدير في والتنصيص على القوانين والتشريع حسب خصوصياتها.

اختلاف في التجارب المقارنة في قضية الإجهاض حسب خصوصية كل بلد

المحامي صلاح الدين عبد العالي عرض في مداخلته عددا من التجارب المقارنة في دول إسلامية وأوربية وعدد من الولايات بأمريكا (و.م.أ)، مبرزا اختلاف مقاربة قضية الإجهاض وعدم التحرير الكامل مع التقييد في البلدان الإسلامية إلا في الحالات الاستثنائية والتحريم المطلق حتى في بعض الولايات بأمريكا.

ومن بين الدول الإسلامية التي عرضها المحامي صلاح الدين عبد العالي مصر والأردن وبأوربا ألمانيا وروسيا ثم عدد من الولايات بأمريكا واختلاف تقنينها وتحريمها المطلق في البعض منها حسب خصوصياتها الثقافية.

أغلب المذكرات المقدمة للجنة الملكية طالبت بتجريم الإجهاض

وأبرز الدكتور نجيب البقالي، المحامي والبرلماني عن حزب العدالة والتنمية عضو لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، الجدال القائم المتمثل في اتجاهين بتقييد الإجهاض وآخر بتحريره مشيرا إلى أن التوصيات الدولية مؤخرا في آلية الاستعراض الدوري الشامل نصت على عدد من التوصيات في قضايا مرتبطة بالحريات الفردية بينما لم تنص في قضية الإجهاض إلى على توصية وحيدة في حالتين الاغتصاب وزنى المحارم.

كما استحضر البقالي أشغال اللجنة الملكية المكلفة بالتوصيات حول الإجهاض التي قدمت لها 75 مذكرة اقتراحية أغلبها طالبت بتجريم الإجهاض إلا في بعض الحالات الاستثنائية، مؤكدا أنه لا يمكن للمشرع أن يخالف في نقاش تعديل القانون الجنائي في قضية الإجهاض لمقتضيات الدين الإسلامي والهوية المغربية الأصيلة وإلا فقد يكون قد خالف الدستور.

وكشف عضو لجنة العدل والتشريع أن مشروع القانون الجنائي الذي تم مناقشته حاليا أعطى خمس حالات استثنائية في قضية الإجهاض حالة أصلية وأربع حالات جديدة، وتكمن الحالات الأربع في الاغتصاب وزنى المحارم والتشوهات الحادة للجنين والخلل العقلي للأم والحالة الأصلية التي هي صحة الأم وأصبحت صحة الحامل وفق شروط دقيقة تتجه نحو تقييد هذه الحالات دون المساس بحالة الإجهاض.

واستغرب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية المذكرة التي رفعها المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول قضية الإجهاض إلى البرلمان معتبرا إياها سابقة لطلب البرلمان حتى بدون طلب منه، وأنها لم تعرض على الجمعية العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لكي يشارك فيها كل مكونات المجلس، وبالتالي أرجعت النقاش إلى بدايته متمنيا ألا يؤثر هذا الأمر في مشروع القانون الجنائي.

الإجهاض إعدام للحق في الحياة يدفع ثمنه حياة جنين

وأكدت الدكتورة حنان الإدريسي؛ الطبيبة والنائبة الثانية لرئيس حركة التوحيد والإصلاح، أن الإجهاض إعدام للحياة وليس أمرا سهلا والمرأة التي لديها ظروف صعبة لا يمكن أن يدفع ثمنه حياة جنين.

وانتقدت الإدريسي ما أسمتها بالتيارات النسوانية والمتطرفة التي أصبحت تفعل ما يحلو لها ولو كان في حق حياة جنين، معتبرة أن الحق في الحياة هو أب الحقوق.

كما استعرضت في الآن ذاته الحق في الحياة في المنظومة الشرعية والحقوقية الدولية مشددة على أن الجنين كائن مستقل وجوده في بطن أمه لا يخول لها العبث بحياته بداعي حق التصرف في الجسد والحرية الجنسية، مشيرة إلى أن الأرقام المقدمة من طرف دعاة تقنين الإجهاض هي أرقام مغلوطة كما أن الزياة في تحسن صحة الأم ليس مرتبطا بتحرير الإجهاض بل في رعاية وحماية الحامل وجنينها معا.

وأوضحت الطبيبة المتخصصة أن كثرة الإجهاض قد تصيب الحامل بالعقم وتحرم من أجمل إحساس لأي أنثى وهو إحساس الأمومة وتجني على نفسها وينتج على ذلك مضاعفات قريبة وبعيدة المدى قد تصل للانتحار.

كما انتقدت نائبة رئيس الحركة خطاب دعاة تقنين الإجهاض معتبرة إياه غير منصف للمرأة وليس تكريما لها بأي حال من الأحوال، مشيرة إلى أن أغلب حالات الإجهاض تهم العازبات 42 بالمائة ثم المتزوجات 25 بالمائة. ثم الأرامل والمطلقات 8 بالمائة حسب أرقام الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري.

 وتأتي هذه الندوة في خضم النقاش الدائر في بلدنا حول الإجهاض، وإسهاما في تنوير الرأي العام والفاعلين المدنيين والسياسيين بأهمية المقاربات المتعددة والمبينة على أسس علمية، وبغية حفظ المرأة والأسرة والمجتمع من الانزلاقات غير المحسوبة العواقب.

 كما استحضرت الندوة في موضوع قضية الإجهاض القيم المثلى التي تحكم المجتمع المغربي ومرجعياته الكبرى التي ينهال منها نظامه العام بضرورة حضور الجانب الشرعي وعلاقته بحفظ النفس البشرية سواء كانت نفس الأم الراغبة في الإجهاض أو الجنين الذي هو في طور التكوين، وبالتالي ضرورة حضور متخصص في الجانب الطبي.

وعرفت الندوة أيضا عرض تجارب بعض الدول في تقنين الإجهاض ومقارنة ذلك مع التجربة المغربية ومخرجات اللجنة الملكية المكلفة بإعداد مشروع في الموضوع، على اعتبار انفتاح المغرب على التجارب الإنسانية.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى