في ذكرى عدوان 2008-2009 – إياد القرا

صباح السبت الموافق 27/12/2008، كانت طائرات الاحتلال تصبّ حِممها على قطاع غزة أدت لاستشهاد 300 فلسطيني في غالبيتهم من العاملين بالشرطة والأجهزة الأمنية في حينه، وهو قرار إسرائيلي كان قائمًا على تقدير موقف أن استهداف الأجهزة الأمنية في غزة سيؤدي إلى انهيار منظومة الحكم الذي كانت تسيطر عليه حركة حماس، وبالتالي فقدان المقاومة عنصرًا مهمًّا من سندها، وكذلك انتماء عدد كبير من عناصر المقاومة للأجهزة الأمنية.

وأن الضربة الأولى وفي الأيام الأولى سيفقد المقاومة القدرة على امتصاص الصدمة، ولعله من نافلة القول: إن التقدير الإسرائيلي تم بناؤه على توفير جو إقليمي ملائم للقضاء على حكم حماس في غزة، والتخلص منها، واستعادة السلطة لحكمها في قطاع غزة.

اليوم بعد 9 سنوات، وما بينهما حربا عام 2012، 2014، هل نجح الاحتلال في تحقيق الهدف الذي سعى له سابقًا؟ وهل يستطيع أن يفعل ذلك؟

الاحتلال لم يتخلَّ عن هدفه في إخضاع المقاومة في قطاع غزة، ولعل المستمع لتصريحات رئيس أركان الاحتلال قبل أيام، وسبقه وزير الجيش، أنه لم يتخلَّ عن هدفه، لإدراكهم أن قطاع غزة لا يزال صخرة عصية على الانكسار، وثلاث حروب لم تنجح في كسر شوكته.

المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لم تعد كما كانت عام 2008، بل تضاعفت قوتها عشرات المرات ولديها جيش منظم عسكريًّا، تقول تقديرات الاحتلال: إنه أصبح قادرًا على القتال لأشهر عديدة، وتمتلك قدرات صاروخية تستطيع الصمود 6 أشهر بشكل متواصل على الأقل، في حين يتم تنظيم تطوير منظومة العمل العسكري في الأذرع المتعددة بحرفية ومهنية عالية.

إبقاء قطاع غزة رهينة للحصار والإغلاق بدعوى المقاومة، هو إجراء يتبعه الاحتلال لمحاولة تمرير ما فشل به عسكريًّا منذ 2008، وفي جزء منه معاقبة الحاضنة الشعبية للمقاومة بسبب مساندتها للمقاومة، ومشروعها، والتي اعترف الاحتلال في أكثر من مرة أنها العقبة الفعلية أمام مواجهة حماس في غزة.

السعي الدائم من الاحتلال للنيل من غزة عسكريا سيستمر ويتواصل، لفشله في تحقيق أهدافه التي تغيرت من عام 2008، من حيث شكلها، لكن بقيت في الجوهر، فمثلًا حين شن عدوانه عام 2008، كان من ضمنها استعادة الجندي الأسير جلعاد شاليط، لكن اليوم هناك أربعة “مفقودين” وأسرى في غزة، وكان يقول إنه سيدمر صواريخ المقاومة التي تستهدف بئر السبع في أكثر تقدير، لكن اليوم تمتلك المقاومة قدرات تقصف وتصل لأي مكان من أقصى الشمال لأقصى الجنوب.

سيفشل الاحتلال مجددًا في تحقيق أهداف، بل سيخسر مجددًا إن كرر تجربته، تجعله يفكر ألف مرة قبل المحاولة للعدوان، وبنفس الوقت يدعو باستمرار للحذر من الاحتلال الذي يفقد القدرة على تحديد أولوياته أو البناء على تقديرات خاطئة يندفع لها كما حدث عام 2008.

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى