فلسطين في “مونديال” قطر .. شعوب متضامنة وتطبيع مرفوض
تعيش القضية الفلسطينية محطة تاريخية مهمة بمناسبة كأس العالم قطر 2022، وذلك بحضورها اللافت في المدرجات والفعاليات والمناسبات، إذ ترفع الأعلام الفلسطينية ويحتفى الكوفية كناية على التضامن مع الشعب الفلسطيني.
وتظهر مشاهد غزت مواقع التواصل الاجتماعي رفض عدد كبير من المشجعين العرب وغير العرب إعطاء تصريحات وارتسامات لوسائل الإعلام العبرية التي تغطي فعاليات كأس العالم قطر 2022 في إشارة إلى تأييدهم لحق الشعب الفلسطيني.
وتبين مشاهد أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي ترديد مشجعين غربيين شعار “فلسطين حرة” في تصريحات لوسائل إعلام عبرية، معبرين عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني المحروم من حقوقه والمحاصر في غزة لعدة سنوات.
ويظهر من مجريات الأحداث بكأس العالم قطر 2022، أن الشعب الفلسطيني الذي كان يكافح من أجل الاعتراف الدولي حاز الاعتراف من بوابة كرة القدم، ولا تمر مباراة أو مناسبة دون حضور ألوان العلم الفلسطيني (الأبيض والأسود والأحمر والأخضر) الذي يمتزج بألوان الأعلام الفرق المتنافسة.
تضامن عالمي
بالتزامن مع كأس العالم 2022 في قطر، تستمر حملة إلكترونية تحت اسم “الحلم الفلسطيني” بهدف تعريف العالم بالقضية الفلسطينية خلال كأس العالم 2022 في قطر. وقال منسق الحملة انس الحاج للأناضول “الجماهير من كل الدول العربية تفاعلوا مع الحملة في المباريات ومحطات المترو والميادين”.
وأردف الحاج” أثبت هذا التفاعل أن قضية فلسطين ما زالت حية وهي قضية الشعوب العبرية والإسلامية جمعاء”، مضيفا أن الحملة تشمل الأنشطة الميدانية من الخيام التعريفية، وتوزيع الأعلام والمنشورات، والجولات التعريفية والأنشطة الإعلامية”، وحملة رفع علم فلسطين مع أعلام الدول الأُخرى.
وليس غريبا ما خلصت إليه الكاتبة الإسرائيلية ميخال أهروني بقولها “لقد نجح اليمين الإسرائيلي على مدى سنوات طويلة جدا في أن يُنسي الجمهور الإسرائيلي الفلسطينيين. وجاءت الصدمة في المونديال وتذكّر الجميع، بما فيه الإعلام “الإسرائيلي” أن الفلسطينيين لا يزالون هنا خلف الجدار
ونقل موقع الجزيرة نت عن أهروني قولها “ها نحن نكتشف أن هناك شعبا فلسطينيا ينبض بالحياة، ولندرك ذلك كان يتعين على وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تطير حتى قطر لنتذكر هذه الحقيقة”، موضحة أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تعمدت تهميش الفلسطينيين وقضاياهم وحياتهم اليومية، وعدم تغطية وتوثيق معاناتهم.
فلسطين 33 بالمونديال
وعنونت صحيفة برازيلية صدر صفحتها بعنوان يؤكد أن عدد الدول المشاركة في كأس العالم بقطر ليست 32 دولة فقط، بل 33 دولة باحتساب علم دولة فلسطين الحاضر في كل المباريات، وتؤكد صحيفة “غلوبو” أن الدول العربية تحتضن فلسطين كدولة رقم 33 في كأس العالم قطر 2022.
ويشار إلى أن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم انضم رسميا إلى “الفيفا” عام 1998، ولعب أولى مبارياته الودية باسم “المنتخب الفلسطيني” أمام منتخبات كل من لبنان والأردن وسوريا في نفس العام، بعد فكه لمؤامرة تواطؤ الفيفا مع الكيان الصهيوني الذي لعب كأس العالم 1934 تحت قبعة المنتخب الفلسطيني.
وقد ظل الجانب الفلسطيني يتظاهر ضد استغلال كرة القدم من أجل نشر أفكار صهيونية بما في ذلك تكوينهم لأندية من المهاجرين اليهود من أنحاء أوروبا، ورفعهم لأعلام صهيونية في أثناء مبارياتهم بما في ذلك استغلالهم للفرق الفلسطينية لكسب اعتراف دولي من اتحاد كرة القدم.
وحسب موقع “عربي 21” فقد شارك المنتخب الفلسطيني الحقيقي في فعاليات كرة القدم بدورة الألعاب العربية عام 1999، وكانت أول محاولة لفلسطين للتأهل لكأس آسيا 2000 وكأس العالم لكرة القدم 2002.
تطبيع موهون
وأظهرت هذه المحطة التاريخية، أن مسار التطبيع من طرف الأنظمة لم يستطع اختراق الشعوب، والدليل تطبيع مصر منذ سنوات، إذ يظهر استطلاع حديث أجراه معهد واشنطن، أن الغالبية العظمى في سبع دول عربية أي حوالي 80 في المائة، ينظرون إلى الاتفاقيات الإبراهيمية على أنها “سلبية جدا” أو “سلبية إلى حد ما”.
وترسم دراسة لمركز الجزيرة للدراسات ثلاثة سيناريوهات مستقبلية لمسار التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، أولها نجاح إسرائيل في التطبيع، ثانيها فشل التطبيع بفعل الشعوب العربية، ثالثها التضييق على الفلسطينيين وإرغامهم على الاستسلام للمنطق الإسرائيلي.
وقد خلصت الدراسة إلى أن هناك نموذجين للتطبيع بين الدول العربية ودولة الاحتلال، أولهما سمته بالتطبيع البارد الذي تمثله كل من مصر والأردن، وثانيهما “التطبيع الحار” الذي تمثله كل من البحرين والسودان والإمارات والمغرب.
ويؤيد الخلاصات السابقة، ما كشفه تقرير “الباروميتر” العربي عن وجود رفض واسع للتطبيع من لدن المواطن العادي بالمنطقة العربية، مسجلا، على سبيل المثال، رفض 69 بالمائة من المغاربة للتطبيع مع “الكيان”، مؤكدا أن “ثمة رفض عام من المواطن العادي عبر المنطقة لاتفاقات أبراهام المدعومة أمريكيا”.