ذ. يتيم يكتب: طوفان الأقصى التداعيات والانتقادات الموجهة لحركة المقاومة

على الرغم من أن العدوان الصهيوني لم يرتبط تاريخيا بطوفان الأقصى بل إنه عدوان يرجع إلى الطبيعة العدوانية الإحلالية للمشروع الصهيوني القائمة على أسطورة أرض الميعاد وبناء إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر، والإيديولوجية الصهيونية التي تقوم على أن اليهود الصهاينة هم شعب الله المختار وإقامة “دولتهم” على أنقاض وعلى حساب شعب كامل هو الشعب الفلسطيني وإعادة بناء الهيكل، وأنه على أساس هذه الأساطير ومنها أن ” فلسطين “أرض بدون شعب لشعب بلا أرض.”

فإن عددا من المرجفين والمهزوزين والمخترقين من بني جلدتنا قد قلبوا المعادلة، فوضعوا اللوم على الضحية والتمسوا العذر للجلاد.. واستكثروا على الشعب الفلسطيني ردة الفعل الطبيعي أي المقاومة باعتبارها حقا مشروعا تقره الشرائع السماوية والمواثيق الدولية ..

شرعية المقاومة قائمة ومتواصلة، أولا من مبدأ شرعي قرآني هو رد العدوان ومقاتلة الذين يقاتلوننا لقوله تعالى “وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم”، وثانيا بناء على مبدأ عقلي فطري تقبله وتقر به العقول والفطر السليمة ومن خلاله استطاعت أمم كثيرة أن تحافظ على وجودها وشخصيتها وانتماءها للجنس البشري. والأكثر من ذلك فهو مبدأ جِبِلي فطري حيث تصارع عدد من الكائنات الحية وتلجأ إلى عدد من الأساليب للمحافظة على وجودها ومجال عيشها الحيوي  .

كما أن  شعوب الأرض من غير المسلمين قد استنفرت كل قواها وطاقاتها للمحافظة على وجودها فتصدت للعدوان الانجليزي والفرنسي والبرتغالي والقوى الاستعمارية الكبرى، وخاضت حروبا طويلة وتصدت من خلال مقاومة ضارية لمحاولة استئصالها كما هو حال شعب فيتنام في مواجهة العدوان الأمريكي، وشعب جنوب أفريقيا في مقاومة نظام الفصل العنصري، وكما فعلت شعوب عربية في المغرب والمشرف حين قامت وتصدت للمد الاستعماري الغربي مشرقا ومغربا، حيث تصدت للانجليز والفرنسيين والأمريكان والطاليان والبرتغال.. وهلم جرا.

هكذا فعل الشعب الفيتنامي في مكافحة العدوان الأمريكي والشعب الياباني والشعب الفرنسي في مواجهة العدوان الألماني النازي.. وهكذا فعل شعب جنوب إفريقيا في مواجهة نظام الفصل العنصري بل إن زعيمه نيلسون مانديلا قضى 27 سنة في السجن.  وهكذا فعلت شعوب عربية وإسلامية سواء في المشرق أو المغرب العربي، وهكذا فعل الشعب الأفغاني في مواجهة الغزو السوفياتي وشعب البوسنة والهرسك في مواجهة العدوان الصربي والقائمة طويلة…

للأسف الشديد هناك بعض المخلفين والمخترقين فكريا وثقافيا ونفسيا ممن تحولوا إلى أبواق تنوب عن الكيان الصهيوني وتبرير مجازره وإجرامه، محملين المسؤولية لحركة حماس بكونها هي المتسبب في ما تبع طوفان الأقصى من عدوان وإجرام.

وكأني بهؤلاء يحمّلون كل رموز وقيادات المقاومة في العالم مسؤولية ما وقع على شعوبهم من عدوان وتقتيل وتشريد. وكأنهم يحملون عمر المختار، وابن باديس، وعبد الكريم الخطابي وقادة المقاومة الذين جاءوا من بعده ومانديلا  وعزت بيغوفيتش وغيرهم من رموز المقاومة والتصدي للاستعمار ما ترتب على ذلك من أكلاف وتحيات .

هؤلاء لم يتمثلوا أيضا ما ورد في مقاومة العدوان والتصدي له وتحمل كلفته من المال والنفس والدماء، ما ورد فيها من فضل كما في قوله تعالى :”إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم “.

والواقع أن طوفان الأقصى قد أعاد ثقافة التضحية بالنفس والاستشهاد من أجل الدين والمقدسات والأرض والعرض إلى مكانتهما وأعاد إحياءها.. وثقافة الصمود والاحتساب حتى صارت على كل لسان بل صار حال أهل فلسطين في غزة وجنين وغيرهما ينطق بهما.  فرويت أرض فلسطين بدماء زكية، ووهب الدماء التي تعيد الحياة للأمة وتبعث فيها روحا جديدة ويقينا بأن النصر قادم لا ريب في ذلك …

والمرجفون المفزوعون المذعورون الذين يقلبون القضية ويلقون اللوم على المقاومة التي هي رد فعل غريزي في كل الكائنات فما بالك ببني آدم، وما بالك بشعب تربى في حضن المقاومة وأجواءها وتنفس عبق دماء الشهداء الزكية ورائحتها المسكية، هؤلاء ينطبق فيهم قوله تعالى :” قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا  قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا  قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا  يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا ۖ وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ ۖ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا  لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا  وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا”. صدق الله العظيم

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى