دور الأسرة في غرس القيم الأخلاقية

إذا كان الفرد هو اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، فإن الأُسرة هي الخلية الحية في كيانه، والفرد جزء من الأُسرة؛ يأخذ خصائصَه الأُولى منها، وينطبع بطابعها، ويتأثر بتربيتها؛ قال تعالى: ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ﴾.

وتعتبر الأسرة المكوَّنة من الأبوين أقدم مؤسسة اجتماعية للتربية عرفها الإنسان، ولا زالَت الأسرة في المجتمعات المختلفة هي مصدر التربية والمعرفة بالنسبة لأبنائها، وقد أدى تطور الحياة البشرية واستقرار الإنسان وبِناء المجتمعات المدنية والقروية وزيادة الخبرات البشرية وتعدد أنواع المعرفة البشرية – إلى أن تشارك مؤسسات أخرى الأسرة في واجب الرعاية، والاهتمام، والتربية، والتوجيه، وتخلت الأسرة عن بعض ما كانت تقوم به، ورغم ذلك تظل المؤسسة الأولى في حياة المجتمع الحديث أيضا في التربية.

والإسلام يعتبر نظامَ الأسرة هو النظام الطبيعي الفطري المنبثق من أصل التكوين الإنساني، بل من أصل الأشياء كلها في الكون الذي يقوم على قاعدة الزوجية، والأسرة هي المحضن الطبيعي الذي يتولَّى حماية الناشئة ورعايتها وتنمية أجسادها وعقولها، وفي ظله تتلقى مشاعر الحب والرحمة والتكامل، وتتطبع بالطابع الذي يلازمها مدى الحياة، وعلى هدْيه ونوره تتفتح للحياة وتتعامل مع الحياة.

فإذا صلحت الأسرة صلح الفرد، وإذا صلح الفرد صلحت الأُسرة، وصلح المجتمع؛ فالأسرة هي التي يتشرب منها الفرد العقيدة والأخلاق، والأفكار والعادات والتقاليد، فهي البيئة الطبيعية الأولى التي تتعهد الطفل بالرعاية والتنشئة الاجتماعية منذ الصغر.

ونظرا لِما لها من أهمية في غرس القيم في نفوس الأطفال، فقد اهتم بها الإسلام باعتبارها مؤسسةً تربوية خطيرة، وباعتبارها ذات تأثير بالغ في تربية الأطفال – على الأسرة أن تبرز قيمة الفضائل وآثاره الفردية والاجتماعية، وأن تُلقن الطفل مبادئ الدين، وتُمرنهم على العبادات، وتعوِّدهم على ممارسة فعل الخير، ومن ثم يجب على الوالدين أن يغرسا في نفوس أبنائهم القيم والفضائل الإسلامية الحميدة، ولا تحمل الأسرة وحدَها العبءَ في مجال غرس القيم والفضائل، ومن ثم فإن المدرسة والمسجد يسهمان بدور بارز في هذا المجال.

وهكذا، فالأسرة هي الخلية الاجتماعية الأولى في المجتمع، وعلى صلاحها وقوتها واستقامتها يتوقف صلاح المجتمع وقوته وتماسكه، فالمرأة والرجل هما عماد الأسرة؛ إذا صلح كل منهما استطاعا أن يكوِّنا بيتا نموذجا على القواعد التي وضعها الإسلام، وقد وضع الإسلام قواعد البيت فأحكم وضْعها، فأرشد الزوجين إلى حسن الاختيار، وبين أفضل الطرائق للارتباط؛ قال تعالى:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدةً وَرَحْمَةً ﴾.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى