حمداوي: لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية في غياب تنمية الإنسان من خلال البحث العلمي

اعتبر الدكتور ابراهيم حمداوي أن العالم اليوم يشهد  تداخلا كبيرا بين الصناعي والإنساني، واختلطت الذكاءات مما قلص من الخصائص الفطرية للإنسان وهو ما يتطلب فلسفة لتأطير العلم والفكر المهتم بالإنسان لإعادة الجزء المغتال فيه، فالإنسان اليوم يعيش نتاج صراع المتصارعين بين السلطة والمال، فأصبح ضحية لهذا الصراع خلال أزمة كورونا.

وأضاف أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أن أزمة جائحة كورونا لم تقف عند الجانب الصحي وإنما مست مختلف التخصصات وخلخلت التوازنات الاجتماعية لأنها أزمة تختلط فيها التحديات وتتداخل فيها العوامل وتستدعي تدخل أهل الفلسفة والاجتماع والثقافة والدين للمساهمة في استشراف ما هو قادم.

وأوضح المحاضر خلال الندوة العلمية التي عقدتها حركة التوحيد والإصلاح عن بعد، يوم الجمعة 3 يوليوز 2020 في موضوع “أولويات المغرب بعد جائحة كورونا في المجال الاجتماعي والاقتصادي والثقافي”، أن مستجدات الوضع العالمي في هذه الأزمة  بنيوي معقد وكل معالجة تبق تقريبية، في سياق العولمة وتغول الشركات العابرة للقارات والإعلام الذي استخدمته من أجل خدمة مصالحها فأصبح سلطة تفوق كل السلط، وتجاوز بذلك إلى صناعة الأفكار والثقافة والذوق والتحكم في الرأي، من خلال صناعة القلق من أجل الإسراع بقبول كل التوصيات التي توصي بها الجهات المستفيدة من الجائحة

وأشار حمداوي إلى أن العالم يعرف فقدان للقيم فيما يسمى بتسليع القيم مما يزيد من قلق الإنسان وخوفه على مصيره ومن زوال المؤسسات، فقد عرفت مؤسسة الأسرة تطورات سريعة ثم تحول إلى عزوف عن الزواج ثم عزوف عن المشاركة السياسية ثم مشكلة المدرسة التي يحصل فيه تنافس بين العمومي والخصوصي وهو ما يطرح سؤال ثقافة المدرسة خاصة أنها تحاول أن توجه خريجيها إلى مؤسسات معينة فيما يسمى بسلعنة الإنسان، بالإضافة إلى أن المؤسسة الدينية التي لم تعد محددة في المسجد والزاوية بل تعدتها إلى ما يسمى بالمؤسسات الرقمية والمنابر الإعلامية الخارجة عن أية سيطرة تؤطر أسرا ومجتمعا وأصبحنا أمام دعاة رقميين مع هشاشة المتلقي، وهو ما يهدد بغياب مراكز أبحاث حقيقية تمد متخذي القرار بتشخيص دقيق وتوصيات للسياسات العمومية في كل المجالات، منبها إلى خطورة انهيار منظومة الأخلاق حيث أصبح يحكمنا ثقافة السوق واختلاط الحقيقة باللاحقيقة والخبرة باللاخبرة والنظرية باللانظرية.

وأكد حمداوي أن المجتمع أصبح يعج بوجهات نظر مختلفة دون القدرة على الاختيار الأسلم وهو ما يعبر عنه بالعنف في مختلف المؤسسات، كما دخل العقل الإنساني في متاهات صعب عليه الخروج منها مما أدى إلى عدم الثقة في جميع المؤسسات مما يسمى باللاانتماء.

ونوه المحاضر بالكفاءات المغربية خلال هذه الأزمة، وضرورة الاستفادة منها في مجالات متعددة، مع الاهتمام بالبحث العلمي والجامعة فلا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية في غياب الإنسان والإنسان لا ينمى في غياب البحث العلمي، فيما برزت أهمية  التكنولوجيا مع أزمة كورونا، والتي يجب أن نخصص لها ميزانية كبيرة حتى يكون لنا فيها موطأ قدم في السوق العالمية وإلا سوف تجرفنا الموجة ونبق مجرد تابعين، مع أهمية مكانة المدرسة والمؤسسات التعليمية وضرورة معرفة موقعها وتوجهاتها لاستيعاب الواقع وحجز مكان لنا في العالم القادم.

الإصلاح

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى