بشائر العيد – نادية الناصري

شرع الله سبحانه وتعالى لنا عيدين عظيمين، مرتبطين بعبادتي الصوم والحج يستقبلهما العبد بالذكر والشكر والفرح والحبور، قال تعالى :”ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ” البقرة 185

تكبير يصدح به المؤمن عقب الحج والصيام، يعظم به الخالق و يقدسه، ويعظم به شعائر الإسلام، في التكبير إعلان لانتصار المؤمن على نفسه الأمارة بالسوء، بأن أخضعها لأداء أعظم الطاعات  متجاوزا العقبات، ماسكا بزمام الهوى والرغبات، نابذا للشهوات.

شكر من العبد لبارئه أن أنسأ في أجله، ووفقه ليتعرض لتلكم النفحات، ويغرف من معين خير العبادات، وشهر الرحمات.

يقول ابن عابدين : “سمي العيد بهذا لاسم لأن الله تعالى سمى  فيه عوائد الإحسان – أي أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل يوم – منها الفطر بعد المنع عن الطعام، وصدقة الفطر وإتمام الحج بطواف الزيارة، ولحوم الأضاحي، وغير ذلك ولأن العادة فيه الفرح والسرور والنشاط.”

فرح و بهجة  سرور على تمام النعمة وتلقي الجائزة، “فللصائم  فرحتان “: فرحة هنا وفرحة هنالك، فرحة في الدنيا بعيد الفطر وفرحة في الآخرة لنيل ثواب الصيام بالدخول من باب الريان إلى الجنان، بفضل الرحمان المنان القائل: “كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به”.

وحق لنا أن نفرح ونبتهج اليوم، ونحن نستقبل عيد الفطر، بأن وفقنا الله تعالى للصيام والقيام وتلاوة القرآن، ….بلغنا ليلة القدر، ليلة العتق من النيران يقول ربنا عز وجل : “قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا” يونس 55.

فرحة نبتغيها لأنفسنا وأسرنا وسائر أحبتنا ولكل أمة الإسلام، بل ولكل من في العالم من السكان أن يهديهم الله للإسلام، فيصوموا، ويعيشوا معنا أفراح العيد وأنواره.

فرحة أبى الرحمن الرحيم إلا أن تعم المجتمع كله، فأوجب “زكاة الفطر” طهرة للصائم من اللغو والرفت و” طعمة للمساكين”، لإفشاء روح التراحم والتكافل والتعاطف بين أعضاء المجتمع المسلم، فرحة تصدح أنغاما وأناشيد وأهازيج ف”هذا عيدنا ” كما بين لأب يبكر نبينا صلى الله عليه وسلم.

فرحة قد تبدو ناقصة لأننا في وضع الحجر الصحي بسبب تفشي داء كورونا العضال، حيث يتعذر الخروج لأداء صلاة العيد في المصليات والتقاء الأهل والجيران والأحباب وتبادل الزيارات وصلة الأرحام.

لكننا سنفرح وسنبتهج بالعيد، فالعيد فسحة، استرواح وأمل وتجديد.

سنستمتع مع أسرنا، سنزين بيوتنا ونرتدي أجمل ثيابنا ونصنع أطايب أطعمتنا، فالله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وسنتواصل مع باقي أحبائنا عبر وسائل التواصل الرقمي المتنوعة.

 فالحمد لله الذي من على البشر بعقول وفهوم مكنت من اختراع الحواسيب والهواتف والتطبيقات والبرامج، فصار بها البعيد قريبا، والمستحيل ممكنا، سنتزاور بمشيئة الله عبرها، ويهنئ بعضنا بعضا من خلالها، و سنؤدي صلاة العيد في بيوتنا، فقد جعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا.

واليوم بيوتنا قبلتنا، وسنرفع أكف التضرع شاكرين له على نعمه، أن لا زلنا أحياء وأصحاء، داعين بالشفاء لمرضى المسلمين والناس أجمعين، مترحمين على موتى المسلمين، راجين من أمره بين الكاف والنون أن يرفع عنا هذا الوباء عاجلا غير آجل.

وقد لاحت في الأفق البشائر، وتقبل الله منا ومن جميع المسلمين.

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى