الهجرة بطعم الهجر – الزهرة الكرش

حينما تهاجر ضيق نفسك إلى رحابة إيمانك تنتعش روحك وتتذوق السعادة وتعانق الحرية من جديد بعد أن كانت حبيسة جدران اليأس والتعاسة تتخبطها الأفكار البائسة وتغرقها  الوساوس في بحر الظلمات حيث لا نور ولا أمل سوى عتمة تكتم الأنفاس.

هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلمات الكفر والشرك  في مكة المكرمة إلى المدينة المنورة حيث شع نور الإيمان وأضاءت مصابيح الهداية فتلألأت سماؤها بنجوم كثيرة من صحابته صلى الله عليه وسلم بعدما أنارت آيات القرآن قلوبهم وغمرتهم رحماتها، فشهدت الأمة نماذج عز تكرار مثلها لأنهم آمنوا بربهم فزادهم الله هدى ورقيا ورفعة؛ فبشر الكثير منهم بالجنة وهم يمشون على الأرض.

 إنه الإيمان يا سادة، حين يجتاح كل خلية فيك ويسري نوره في دمك ماحيا أثر كل معصية ومزيلا كل النكث السوداء بقلبك، إنه الإيمان حين تهاجر إليه فارا من هواك، هاربا من ضعفك، معلنا إذعانك وخضوعك لرب أكرمك وأغدق عليك نعمه الظاهرة والباطنة فجحدتها.

إنها الهجرة الحقيقية، هجرة من الضعف إلى القوة، هجرة من الحزن إلى السعادة، هجرة من الضياع إلى الاستقرار، هجرة من الضلال إلى الهداية، هجرة منك إلى ربك حيث السكينة والطمأنينة والهداية والغفران والرحمة (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران 133.

إنها هجرة بطعم الهجر:

هجر للظلمة التي أحالت حياتنا شقاء بعد أن جثمت على القلوب (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) الحديد اية 16

هجر للجحود واعتراف بنعم الخالق سبحانه التي يغدق بها علينا رغم تقصيرنا وتفريطنا (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) النحل 269

 هجر للمعصية وإعلان لتوبة تنقينا من درن الذنوب والمعاصي (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الفرقان الاية70

هجر لكل ما يشوب إيماننا بربنا لتكون هجرتنا إلى الله هجرة خالصة، لتهاجر القلوب والجوارح إلى ربها معلنة أن لا إله إلا الله وما دونه لا قيمة له ولا محل، لا إله إلا الله دستورا وشعارا للحياة كلها، لا إله إلا الله عنوانا لحياة جديدة بالقرب منه سبحانه، لا إله إلا الله نفسا جديدا يسري فينا فيطهرنا وينقينا (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله).

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى