الرد الجميل – سعيدة حرمل

اتصلت بي تتفقدني و تسأل عن أحوالي في ظل هذا الوباء وعن الحجر الصحي و برنامجي في بيتي! ولتطمئن على نفسيتي وخاطري وقد مر على وفاة أمي الحبيبة أربعين يوما رحمها الله ! فنصحتني بالصبر والاحتساب وواستني بكلمات كلها محبة وتضرع إلى الله أن بفرج الله عنا همنا ويرفع البلوى عنا وختمت كلماتها بدعاء صادق “اللهم ردنا إليك ردا جميلا” !!

قطعت معي صديقتي الحبيبة نجاة اتصالها ولم تنقطع عني أفكاري واسترسل خاطري يتأمل فيما قالت !! لقد لفتت انتباهي إلى دعاء كثيرا ما أردده وربما لم أقف على حقيقته أو بالأحرى على بعض حقيقته فمهما فهمت يبقى فهمي قاصرا !! فصلى الله عليك يا رسول الله يا من أوتيت جوامع الكلم!! كيف نرد إليك ردا جميلا وبمفهوم المخالفة أيمكن أن نرد إليك ردا غير جميل !! كيف ذاك يا رب ؟!! وقد قرر  رسولنا صلى الله عليه وسلم “أن الله جميل يحب الجمال ” وبين في القران الكريم أن كل ما يطلب من العبد عليه أن يكون جميلا فتحدث عن الصفح الجميل و الصبر الجميل بل حتى الهجر يكون جميلا !! فما هو الرد الجميل ؟!

قال بعض العلماء : الرد الجميل أن يردك الله بلطف دون أن يبتليك بمصيبة كبيرة !! مثل عجز أو مرض أو حادث أو فقد عزيز، وأن تعود إلى الله والطريق الحق دون أن تجرك المصائب إليه جرا !! فلا تحتاج لكي تعود إلى الله إلى زلزال يوقظ  المؤمن النائم في قلبك فتعلم ألا ملجأ منه إلا إليه !!

الرد الجميل أن تستيقظ من غفلتك بسماع آية أو حديث نبوي أو موعظة أو رسالة ربانية فتئوب وتعود إليه سريعا دون تبعات إلا الإيمان به سبحانه!! فهذا الفضيل بن عياض (وفي رواية مالك بن دينار )عاش شطرا من حياته قاطعا للطريق مفسدا في الأرض وفي ذات ليلة تسلق أسوار منزل ليسرق فسمع صوت صاحب المنزل يصلي ويتلو قوله تعالى “الم يان للذين امنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق” فرق قلبه وانتفضت جوارحه وأعلن توبته قائلا “الآن الآن” وأصبح زاهدا تقيا عالما ينشر العلم فرده الله إليه ردا جميلا”!!

الرد الجميل أن تعود إليه تائبا نادما فهو الغفور الرحيم يقبل توبة عباده يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل !

أن تعلم انه مهما بلغت ذنوبك عنان السماء يغفر لك سبحانه ولا يبالي وأنه لو يؤاخذ الناس بما كسبوا ما ترك على هذه الأرض من دابة !! ولكنه يعفو ويستر !

الرد الجميل أن تفقه ابتلاء ربك لك  فلا يمر عليك وكأنه لا يعنيك ولا يدعوك لكي تتوقف تنظر في حياتك !!

الرد الجميل أن تنتبه وتتيقظ حتى لا تأخذ على حين غرة أو غفلة ؛ ابن  القيم في الأثر النبوي يقول في الحديث القدسي”أهل ذكري أهل مجالستي وأهل شكري أهل زيادتي وأهل طاعتي أهل كرامتي، وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي إن تابوا فانا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ابتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب!!!

الرد الجميل أن تظن بالله خيرا فحاشاه أن يعذب من يستغفره بل تعلم على أنه على قدر الابتلاء يكون الجزاء  يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إن عظم الجزاء مع عظم البلاء فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط “، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يوصيه وصية جامعة فقال لا تتهم الله في شيء قضاه الله لك!! مسند احمد

مر إبراهيم بن ادهم على رجل مهموم فقال له يا هذا إني أسألك عن ثلاث فأجبني، فقال له الرجل نعم.

فقال له ابراهيم : أيجري في كون الله شيء لا يريده الله .فقال :لا

قال :”اينقص من أجلك لحظة كتبها الله لك في الحياة ؟

قال:لا

قال: أينقص رزقك شيء قدره الله ؟

قال : لا .

قال ابراهيم : فعلام الهم إذن !!!

فاللهم ردنا إليك ردا جميلا نرضى فيه بقضائك ونحسن الظن بقضائك فنعلم أن الذي أصابنا لم يكن ليخطأنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا !!

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى