الباحث المقاصدي الحسين الموس يناقش ذ عبد اللطيف وهبي في الحريات والمقاصد

ينشر عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، الدكتور الحسين الموس سلسلة حلقات من مقال بعنوان “نظرات هادئة في آراء ومواقف وهبي حول الحريات والمباح والحلال والحرام ومقاصد الشريعة” على موقع “العمق المغربي”، يناقش فيها مناقشة علمية لوزير العدل عبد اللطيف وهبي حول ماطرحه من آراء ومواقف حول التعديلات المرتقبة لمدونة الأسرة والقانون الجنائي في علاقتها بمقاصد الشريعة والدين الإسلامي.

وسجل نائب رئيس مركز المقاصد للدراسات والبحوث عدة ملاحظات شكلت العمود الفقري لسلسلة الحلقات، وهي أولا: التنويه بالارتكاز على المرجعية، ثانيا: المنصب ووجوب التحفظ، ثالثا: ليكن صدرك واسعا إزاء المخالفين، رابعا: معنى قطعيات الشريعة هل هي في آحاد النصوص أو في الكليات المستقراة من جزئياتها.

وعنون الباحث المقاصدي الملاحظة الخامسة بـ: ولي الأمر وتقيد المباح المنصوص عليه، والسادسة بـ: ولي الأمر ورفع الخلاف، والسابعة بـ: الحريات الفردية والدولة الاجتماعية، والثامنة بـ: الحريات الفردية والمقاولات والسياحة والمصالح الوطنية، والتاسعة بـ:هل الدين فقط قيم وعبادات أم أنه أيضا أحكام ومعاملات؟، والعاشرة بـ: ضوابط العقل في إدراك مقاصد الشارع.

ودعا الباحث في أصول الفقه ومقاصد الشريعة إلى أن يكون التشريع الجنائي منسجما مع حفظ الكلية الشرعية المتعلقة بحفظ النسل، قائلا “وإذا كان ولابد من تعديل المواد المتعلقة بجريمة الفساد والخيانة الزوجية (490-496) بحيث توضع الضوابط الشرعية في ألا يؤاخذ الفرد بجريمة الفساد أو الخيانة الزوجية دون بينة فلا بأس من ذلك، لكن أن يصل الأمر إلى إلغاء مضمونها فهو مرفوض شرعا لأنه يفتح الباب على هدم الأسرة بمفهومها الشرعي والمنصوص عليها دستوريا”.

ورأى صاحب كتاب “الحريات الفردية تأصيلا وتطبيقا” أن تحريم الزنا، والتضييق على ممارسته من شأنه تحفيز الشباب على الزواج، وعلى بناء أسرة ينعم أفرادها بالدفء الأسري وبالرعاية الوالدية، ويحفظ المجتمع من شيوع الأمراض المتنقلة جنسيا والتي أعيى بعضُها العلماء ولم يجدوا لها تلقيحا ولا علاجا كالسيدا الذي حصد سنة 2021 قرابة 650000 شخص، موضحا أن العفة والامتناع عن الزنا يحمي من وجود حالات أبناء الزنا الذين يعانون وتعاني معهم أمهاتهم والمجتمع أيضا. 

ونوه بارتكاز الوزير على المرجعية، قائلا “مما يُحمد للأستاذ وهبي -وإن اختلفنا معه في النتائج- أنه حرص على استدعاء مقاصد الشريعة وأصولها فيما يُنَظِّر له حول القانون الجنائي والحريات الفردية، لكنه انتقد وهبي في خروجه من واجب التحفظ وأخطائه في الاستشهادات، قائلا “وهكذا فوزير العدل يفترض فيه التحلي بقدر كبير من الدقة عند الاستشهاد بالنصوص وإيرادها سليمة من كل لحن خاصة ما يتعلق بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية. كما يتطلب منه بعدا عن الكلام المبتذل الذي يتنافى مع مقامه، وكذلك ضرورة التحفظ في طريقة التعامل مع ولي الأمر وتأويل كلامه”.

وانتقد صاحب كتاب “تقييد المباح” الدعوة إلى مراجعة الإرث التي وردت فيها نصوص قطعية، قائلا “إنها فرائض فرضها الحق سبحانه بعلمه وحكمته، فلا يمكن تعديلها لأنها من قطعيات النصوص القرآنية، وإنما يمكن النظر في بعض حالات التعصيب، أو في إمكانية حل بعض الإشكالات المرتبطة بالتنزيل حفظا لاستقرار الأسرة”، مشيرا إلى أن إباحة التعدد كان بآية قطعية، قائلا “فلا يمكن للسطلة التشريعية أن يقوم بمنع التعدد بإطلاق لأنها بذلك ستقع في تحريم ما أحله الله تعالى”

وانتقد الموس محاولة وزير العدل في محاضرته بمؤسسة الفقيه التطواني بسلا إعطاء تفسير خاص به لقطعيات الشريعة التي وردت في الخطاب الملكي لعيد العرش في يوليوز 2022: ”وبصفتي أمير المؤمنين، وكما قلت في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان، فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية”. 

وأوضح أن الوزير رأى أن القطعية لا تكون في النصوص وإنما فيما استقصاه فقهاء الشريعة من كليات كبرى، كما زعم أنه ينبغي للعلماء تجاوز القطعيات عندما تتهددنا “الفتن”، مشيرا إلى أن العلماء قسموا النصوص من حيث ثبوتها إلى قطعيات وظنيات، فجعلوا ضمن ما هو قطعي الثبوت القرآن والحديث المتواتر وعدوا أحاديث الأحاد ضمن ما هو ظني. كما قسموا النصوص من حيث الدلالة إلى ما هو قطعي وما هو ظني كذلك.

وقال الموس ” مما يعاب على السيد– الوزير – أنه ضاق درعا بالمخالفين، وجعلهم كلهم ينطلقون من عمى إيديولوجي في فهم مقولة أمير المؤمنين حفظه الله ” بصفتي أميرا للمؤمنين لن أحل حراما ولن أحرم حلالا ..”. فهل بعض علماء المجلس العلمي ممن انتصروا لبعض الآراء في المدونة ورأوا أنها قطعية يُحركهم دافع ايديولوجي؟ وهل علماء الأمة الذين شاركوا في وضع المدونة وترافعوا حولها  وخالفوا بعض المنظمات النسائية في اقتراحاتها يحركهم العمى الايديولوجي والأهداف السياسية؟  وهل تحتاج الأمة إلى تحكيم ملكي وإلى رفع الخلاف لولا وجود هذا الخلاف، ووجود مرتكزات قوية حوله عند كل طرف؟”.

وأضاف” أن الأمة بحاجة إلى أن يشيع التواضع والإنصات فيما بين علمائها ومفكريها وممثليها، وإلى أن يكون شعار الجميع ” رأيي صواب يحتمل الخطا ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.”. أما اتهام المخالفين ورميهم بأقدح النعوت، وإقصاؤهم من المشاركة في مناقشة الإشكالات المعروضة فإن ذلك لن يزيد الوضع إلا تأزما وإضرارا بمصالح الوطن”.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى