الأمر بالستر ومقتضيات الإيمان – محمد بولوز

أختي المؤمنة إن من أمرك بالصلاة والصيام.. هو من أمرك بالستر فكيف تطيعين في هذين وتعصين في هذا؟

قال تعالى :{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب 59] الاحزاب.

تسمى هذه الآية (آية الحجاب) فيها فرض الله عز وجل على كل مسلمة أن تسدل خمارها لتستر بها رأسها وتخفي به فتحة ثيابها لتستر صدرها حتى لا يطمع فيها أحد.

وقد بدأ الله عز وجل بأمر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لأنهن القدوة لكل مسلمة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب 59]

والجلباب في أصوله اللغوية والتطبيقات الشرعية ثوب تضعه المرأة عندما تهم بالخروج من بيتها فوق الثياب العادية التي تكون لها في بيتها مع محارمها، يستر جميع البدن سواء كان ملحفة أو عباءة أو ملاءة والجلباب المغربي معروف.

وقال تعالى : “وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (31)النور

ومعنى ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها : ذكر الطبري في تفسيره معنيين رئيسين ورجح أحدهما :

قال رحمه الله تعالى :وقوله: ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ) يقول تعالى ذكره: ولا يُظهرن للناس الذين ليسوا لهن بمحرم زينتهنّ، وهما زينتان: إحداهما: ما خفي وذلك كالخلخال والسوارين والقرطين والقلائد،

والأخرى: ما ظهر منها، وذلك مختلف في المعنيّ منه بهذه الآية، فكان بعضهم يقول: زينة الثياب الظاهرة.

 (…) ثم ذكر من قال ذلك: وقال آخرون: الظاهر من الزينة التي أبيح لها أن تبديه: الكحل، والخاتم، والسواران، والوجه

 ثم ذكر من قال ذلك، ثم قال: ” وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: عنى بذلك: الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكحل،  والخاتم، والسوار، والخضاب. وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل؛ لإجماع الجميع على أن على كلّ مصل أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها، إلا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديه من ذراعها إلى قدر النصف. فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعا، كان معلوما بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة، كما ذلك للرجال; لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره؛ وإذا كان لها إظهار ذلك، كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالى ذكره، بقوله: ( إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) لأن كل ذلك ظاهر منها”.

معنى قوله تعالى : « وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ » يقول تعالى ذكره: وليلقين خُمُرهنّ، وهي جمع خمار، على جيوبهنّ، ليسترن بذلك شعورهنّ وأعناقهن وقُرْطَهُنَّ.ومعنى الخمار : كلُّ ما ستَرَ ، وخمار المرأة : ثوب تغطّي به رأْسَها، وخِمَارُ الرَّجُلِ : عِمَامَتُهُ ، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يمسحُ على الخُفّ والخِمَار /: العمامة.

واللام في كلمة “وليضربن” هي لام أمر للدلالة على الوجوب. اي تتخذ ثوبا تغطي به المرأة شعرها،

وكانت النساء في الجاهلية تلبسن خمارا لا يغطي كل الشعر، وكن في نفس الوقت يظهرن جيوبهن(فتحة الصدر) فجاءت الآية تلزم  المسلمات أن يغطين فتحة الصدر بالخمار.

شروط الستر ولباس المراة المؤمنة :

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى : شروط الحجاب

أولا : ( استيعاب جميع البدن إلا ما استثني ) فهو في قوله تعالى : { {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} } . ففي الآية الأولى التصريح بوجوب ستر الزينة كلها وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد منهن فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن إلى ستره .

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : أي : لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه ،

ثانيا : ( أن لا يكون زينة في نفسه ) لقوله تعالى : { {ولا يبدين زينتهن} } فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها ويشهد لذلك قوله تعالى : { {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} } [سورة الأحزاب:33 ] ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ” ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا ، وأمة أو عبد أبق فمات ، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم ” .  أخرجه الحاكم (1/119) وأحمد (6/19) من حديث فضالة بنت عبيد وسنده صحيح وهو في  ” الأدب المفرد “

ثالثا : ( أن يكون صفيقا لا يشف ) فلأن الستر لا يتحقق إلا به ، وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة ، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : “سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات ” زاد في حديث آخر :”لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا ” . رواه مسلم من رواية أبي هريرة .

قال ابن عبد البر :  أراد صلى الله عليه وسلم النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف لا يستر فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة . نقله السيوطي في تنوير الحوالك (3/103)

رابعا : ( أن يكون فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها ) فلأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع ، وأما الضيق فإنه وإن ستر لون البشرة فإنه يصف حجم جسمها أو بعضه ويصوره في أعين الرجال وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى فوجب أن يكون واسعا وقد قال أسامة بن زيد : ” كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال : ما لك لم تلبس القبطية ؟ قلت : كسوتها امرأتي ، فقال : مرها فلتجعل تحتها غلالة ، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها ” أخرجه الضياء المقدسي في ” الأحاديث المختارة” (1/441) وأحمد والبيهقي بسند حسن .

خامسا : ( أن لا يكون مبخرا مطيبا ) لأحاديث كثيرة تنهى النساء عن التطيب إذا خرجن من بيوتهن .

الزينة محببة للنفوس من قبيل التنعم والابتلاء

فقد زينت الشهوات عموما في قلب الإنسان كما قال تعالى : “زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ “، اي زُيِّن للناس محبة ما يشتهون من النساء والبنين وسائر ما ذكر، وحبب للنساء التزين وإظهار المفاتن ومواضيع الأنوثة والحلي ونحو ذلك كما قال تعالى: { أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } إشارة إلى المرأة تنبت في الحلية وتزين بها، ولهذا بخلاف الرجال رخص لهن في الحرير والذهب. وكما جعل الله لشهوة النساء والمال حدودا وضوابط ابتلاء واختبارا فلا يفض الخاتم إلا بحقه الذي هو العقد والزواج وكذا قيد هذا الأخير بالباءة والعدد المحدد الذي لا يجوز تعديه من النساء، كذلك الأمر في شهوة النساء التبرج وإظهار الزينة فخصها بالزوج والمحارم ووضع ضوابط للباس متشوفا إلى العفة والستر.

التبرج جاهلية محببة لشياطين الإنس والجن

تبرجت المرأة: تَزَيَّنَتْ وَأَظْهَرَتْ مَحَاسِنَهَا وَحُلِيَّهَا، ‪وفي الاصطلاحهو أن تُظهر المرأة للرجال الأجانب – الذين ليسوا من محارمها – ما يوجب عليها الشرع أن تستره من زينتها ومحاسنها. فجاء النهي عن التبرج

ولتبرُّج المرأة مظاهر كثيرة، يتعلّق أحياناً بملابسها، و أُخرى يتعلق بتصرُّفاتها وسلوكها، مثل خلع اللباس الشرعي أمام غير زوجها وغير محارمها، و إبداء المرأة مفاتِنَها، وإظهارها شيئاً من جسدها. او إظهار زينتها المُكتسَبة أمام الرّجال الأجانب عنها. أو تثنّي المرأة وتكسُّرها في مشيتها أمام الرّجال. أو الضّرب بالأرجُل؛ لتظهر بعض زينتها بما يُحرِّك شهوة الرّجال. او الاختلاط بالرّجال من غير حاجة والأشد من ذلك الخلوة بمن لا يحل. أو ملُامسة أجسادهنّ أجسادَ الرّجال. أو الخضوع بالقول، واللين في الكلام مع الرّجال الأجانب عنهن.

نجد أصول هذا في مثل قوله تعالى: “فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا*وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ” وقوله تعالى: “‏ولا يضربن بأرجلهن لـيُعلم ما يخفين من زينتهن‏”‏ ‏[‏النور‏:‏ 31‏]‏ و فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: (رُبَّ نِسَاءٍ كَاسِيَاتٍ عَارِيَّاتٍ، مَائِلَاتٍ مُمِيلَاتٍ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا}. وَإِنَّمَا جَعَلَهُنَّ كَاسِيَاتٍ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ عَلَيْهِنَّ، وَإِنَّمَا وَصَفَهُنَّ بِعَارِيَّاتٍ لِأَنَّ الثَّوْبَ إذَا رَقَّ يَكْشِفُهُنَّ؛ وَذَلِكَ حَرَامٌ).

فاللباس والستر يعتبران من أمور الفطرة التي جبل عليها الناس من لدن آدم وحواء عليهما السلام، والتي اعتنى بها الشرع وزكاها وأحاطها بأحكامه وتوجيهاته، قال تعالى: “فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ” (22) الأعراف، فبعد أن جرَّأهما الشيطان وغرَّهما، فأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عن الاقتراب منها، انكشفت لهما عوراتهما، وزال ما سترهما الله به قبل المخالفة، فأخذا يلصقان بعض ورق الجنة على عوراتهما. وفي الآية دلالة على إن كشف العورة من عظائم الأمور، وأنه كان ولم يزل مستهجَنًا في الطباع، مستقبَحًا في العقول.

قال ابن العربي في أحكام القرآن عند قوله تعالى:{وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا أَكَلَ آدَم مِنْ الشَّجَرَةِ سُلِخَ عَنْ كِسْوَتِهِ (…) وَحُطَّ عَنْ مَرْتَبَتِهِ، فَلَمَّا نَظَرَ إلَى سَوْأَتِهِ مُنْكَشِفَةً قَطَعَ الْوَرَقَ مِنْ الثِّمَارِ وَسَتَرَهَا وقال سيد قطب رحمه الله عن شعور آدم وحواء بأن لهما سوآت ، تكشفت لهما بعد أن كانت مواراة عنهما فراحا يجمعان من ورق الجنة ويشبكانه بعضه في بعض(يخصفان) ويضعان هذا الورق المشبك على سوآتهما – مما يوحي بأنها العورات الجسدية التي يخجل الإنسان فطرة من تعريها، ولا يتعرى ويتكشف إلا بفساد في هذه الفطرة من صنع الجاهلية ! ومع نزول آدم إلى الأرض نزل معه ما يصلح باطنه من الوحي ولباس التقوى، وما يصلح ظاهره من لباس يقيه الحر والبرد ويستر عورته ويزين مظهره، قال تعالى: “يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون”(26الأعراف)، ومما قاله الطاهر بن عاشور رحمه الله في التحرير والتنوير تعقيبا على هذه الآية: ولما كان إلهام الله آدم أن يستر نفسه بورق الجنة منة عليه، وقد تقلدها بنوه، خوطب الناس بشمول هذه المنة لهم بعنوان يدل على أنها منة موروثة، وهي أوقع وأدعى للشكر، ولذلك سمى تيسير اللباس لهم وإلهامهم إياه إنزالا، لقصد تشريف هذا المظهر، وهو أول مظاهر الحضارة، بأنه منزل على الناس من عند الله فاللباس والستر فطرة وشرع وحضارة.

ولا تتبعن خطوات الشيطان:

ولن يعدم الشيطان حيلة في صرف الناس جملة أو بالتدريج عن الفطرة والشرع والحضارة الحقة، ولن يهنأ له بال ولا لجنوده من الإنس والجن حتى ينزع عن الناس لباس التقوى وفضيلة الستر والعفة، فما فعله مع أبوينا من قبل لن يبرح يكرره مع كل واحد منا، قال تعالى: “يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون” (27 الأعراف). فالعري محبوب للشيطان في المواطن والمواضع التي يأباها الشرع، وإذا لم يقدر عليه كاملا قنع بما دون ذلك انتظارا لخطوة أخرى في جولة موالية، فيرضى بتجسيم العورة وتجسيدها إذا لم يقدر على كشفها، ويرضى بشفافية الثوب إذا لم يقدر على نزعه، ويقبل استمرار الثوب الصابغ مع إفراغه من مضمونه فيوسوس بالخضوع في القول وميوعة الحركة وتسيب في العلاقات، وقد يبدأ بنزع لباس التقوى ليطير قشرة القماش بعده، أو يبدأ بتوهين لباس الظاهر وقصده لباس الباطن، ولا يضيره بأي حال بدأ، فلا تتبعن خطوات الشيطان.

شدي عليك أختي، بنيتي … ثيابك بأزرار التقوى: ولا حل مع إبليس سوى في الفرار إلى الله والاعتصام بهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، ليحدد لنا معنى اللباس الذي يرضيه، ومعنى العورة التي يحرم كشفها، ومعنى الشروط المطلوبة، حتى لا يدخل الشيطان على الخط فيميع لنا المعنى ويلغي علينا الشروط.

والخلاصة أن لباس المرأة المسلمة ليس شيئاً هيناً تتولاه الأهواء وأنامل مصممي الأزياء، بل هو دين وهوية، وله ارتباط قوي بالإيمان وبالسعي إلى مرضاة الله ودخول الجنة والنجاة من النار، بالستر تعبد المرأة ربها وبه تُعرف أيضاً، ولذا فهو لباس يستمد شروطه من كتاب الله وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.ويريد الشيطان من جهته ومن جهة حزبه وأوليائه أن يميل الناس عن تلك الشروط والضوابط ميلا عظيما مع الأهواء والشهوات، ويريد بإصرار أن ينزع عن أخواتنا ونسائنا لباسهن الساتر الكامل، ويبقى السؤال عن الأزرار التي يمكن تركيبها على اللباس حتى لا ينزعه الشيطان ؟ وعند التأمل لن نجد تلك الأزرار غير التقوى وسبيل المتقين والمتقيات، كما قال تعالى:”ولباس التقوى ذلك خير”.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى