ثبت كَسْبَك الرمضاني – خديجة رابعة

من أجلِّ المعاني التي بها سُمِّيَ شهر الصوم برمضان لأن فيه ترتمض الذنوب أي تحترق…، ومنه الرَّمضاء أي بقايا الحريق. قال القرطبي رحمه الله في تفسيره :” إنما سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب، أي يحرقها بالأعمال الصالحة”

فهذه من أوضح خصائص رمضان الكريم : من قامه وصامه، وقام ليلة قدره إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.

ولرمضان هذه السنة تميزا وتفردا بكل المقاييس نتيجة الحجر الصحي بسبب انتشار فيروس كوفيد 19

وإنها لأسئلة كثيرة تتسابق إلى الذهن في متم هذا الشهر الفضيل:

ترى ما كسبي من رمضان هذه السنة؟

ماذا حصَّلتُ فيه؟

هل تُبت توبة نصوحا من الذنوب دقيقها وجليلها؟

هل صححت منهجي الفكري وأنَبْتُ من عللي القلبية؟ فذنوب الفكر والقلب أحوج للتوبة والإنابة..

هل تعلمت كيف أمسك عن لغو الكلام وفضول النظر والسمع وقبيح الفِعال؟

هل كسرت أغلال العادات وقيود المألوفات التي قد تَخْلُدُ بي إلى الأرض: تسويف، عجز، كسل، جبن، بخل، وغضب…..؟

وهل وطَّنت قيما جديدة محلها:  يقظة قلبية وفكرية، احترام للمواقيت، هدوء نفسي، رزانة في تدبير استفزازات الحياة ؟

هل استوعبت دروس رمضان في زمن كورونا، هل ذقت حلاوة القيام والطاعات المختلفة مع كل أفراد الأسرة، وما أجمله من إحساس!

هل تحررت من أعدائي؟ لقد كفاني ربي شر الشيطان، وأوهن قواه، لكن هل تغلبت على الهوى والنفس الأمارة بالسوء؟ فأسأل الله أن تكون خاتمة رمضان نصرا وفوزا..

وهل سَرَت أنوار القرآن إلى أعماق قلبي وغياهب عقلي؟

ما المساحات التي أضاءت منهما وانشرحت بالاستجابة والإذعان لكلام الديان؟

وما المساحات الأخرى التي لا زالت معتمة، وتحتاج إلى أنوار الوحي لإضاءتها في مستقبل الأيام؟

يا نفس إذا عرفت فالزمي

لا تكوني بعد رمضان كالتي نقضت غزلها أنكاثا

بل اعبدي ربك حتى يأتيك اليقين..

لا تركني إلى الأشكال والرسوم ولا إلى الأزمنة والأمكنة، بل تعلقي بربَّ الزمان والمكان.

أكثري من الاستغفار فهو مفتاح الخيرات و البركات، ومغلاق الشرور والآفات….، كتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة وقال: ” قولوا كما قال أبوكم آدم:( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )، وكما قال إبراهيم: ( و الذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين )، وكما قال موسى: ( ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي )، وكما قال ذو النون: ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ).

وطاعاتنا أيضا تفتقر إلى الاستغفار لما قد يشوبها من رياء  سمعة، عجب، أو استكثار ..

رب العزة يريدك متواضعة وجلة: ( والذين يوتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون)سورة المؤمنون: الآية60

وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: “كونوا لقبول العمل أشد اهتماما من العمل، ألم تسمعوا قول الله: ( إنما يتقبل الله من المتقين)”

اللهم اجعلنا منهم ووفقنا أن نكون كما تحب وترضى في رمضان وفي غيره.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى