التواج يقدم برنامج إيماني في البيوت في إطار : إلزم بيتك

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، وبعد:

قد تأتي على المؤمن أوقات عصيبة يؤمر  أو ينصح فيها بلزوم بيته، وعدم الخروج منه إلا للضرورة، وذلك رعاية لمصالح كبرى معتبرة في الشرع، مثل حَديث عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ، فَقَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ، وَكَانُوا هَكَذَا) وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (الْزَمْ بَيْتَكَ، وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُ، وَدَعْ مَا تُنْكِرُ، وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ).

وإن ما نحن فيه اليوم من خطر هذا الوباء وسرعة انتشاره بين الناس وحصده لكثير من الأرواح ،ليستدعي من كل عاقل أن يلزم بيته مع أهله وأبناءه، طاعة لله وطاعة لولاة الأمور. غير أن لزوم المؤمن بيته لا يعني البطالة والكسل وكثرة النوم والخمول، وتضييع جل الأوقات في متابعة الأخبار والمسلسلات والمباريات الرياضية، وإنما البيوت فضاءات تربوية فطرية، نعيش فيها بحريتنا، ونعبد فيها ربنا، ونمارس فيها إسلامنا “وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا” (النحل 16).

ولعمارة بيوتنا، هذا برنامج إيماني تحصيني أدعو أن نلتزمه في بيوتنا مع أهلنا وأبناءنا، وذلك حتى تكون بيوتنا بيوت طاعة لله تعالى، تقام فيها الصلوات المفروضة والنوافل، قال تعالى:”وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ” (سورة يونس 87)، وتكون عامرة بذكرالله تعالى، كما في الحديث (مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يذكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ) رواه مسلم. وتكون في بيوتنا مجالس علم، نجتمع على تلاوة كتاب الله ومدارسته وحفظه، كما في الحديث: (وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ)الترغيب لابن شاهين:

  1. لنعلم أنَّ ما يُصيبنا هو من أقدار الله سواء كانت بالخير أو بالشر، فالدنيا للاختبار والناجح فيها من التزم بأوامر الله واجتنب نواهيه.
  2. لنبدأ يومنا بالصلاة والدعاء والاستغفار، ونحافظ على أذكار الصباح، وأذكار المساء.
  3. لنجعل لناورداً يومياً من القرآن الكريم.
  4. لنقرأ القرآن الكريم مع أفراد أسرتنا، فبالإضافة إلى قراءةالقرآن الكريم بشكل فردي نجعل حصة مع أفراد أسرتنا.
  5. لنحدد وقتاً ولأفراد أسرتنا لحفظ القرآن الكريم، وذلك بصورة مشابهة لحلقات المساجد والمجالس القرآنية.
  6. لنجعل وقتاً للقراءة النافعة، (من حديث وسيرة وفقه وكتب فكر….) ولنقلل من متابعة الاخبار والبحث عن التفاصيل .
  7. لنتعاون جميعا على أعمال البيت، ولنتعود على أن يخدم كل واحد منا نفسه بنفسه .
  8. لننشط أجواء البيت بعقد مسابقات بين أفراد الأسرة في حفظ سور مُحددة من القرآن الكريم، وأحاديث نبوية شريفة.
  9. لنحافظ على الصلاة في وقتها، ولنحرص على أدائها جماعة مع أفراد الأسرة. ولنتعاون على ذلك، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ).
  10. لنلقي بعض الكلمات التربوية التوجيهية عقب صلاة الفجر أو صلاة المغرب .
  11. لنحافظ على السنن والنوافل، كالرواتب وصلاة الضحى، وقيام الليل.
  12. لنخصص يوماً أو يومين في الأسبوع للصيام، فمن السنة صيام يومي الإثنين والخميس، أو على الأقل تخصيص يوم الخميس مثلاً للصيام.
  13. لنجعل من وقت فراغنافرصةلذكراً لله عزَّ وجلَّ، واستغفاره، والدعاء بأن يفكَّ الغمة عن الأمة.
  14. لنكثر من الصلاة على النبي، فبالصلاة على النبي (عليه الصلاة والسلام) تزول الهموم، وتذوب الذنوب، وتحصل على أجور مضاعفة.
  15. لنعلم أنَّ ما يُصيب العبد من هم أو وجل كله بأقدار الله، فكن من العباد الصابرين المحتسبين، ولا تكن من أولئك المتأففين المتذمرين.
  16. لنحرص أشد الحرص على تجنب فعل السيئات مهما صغرت في زمن البلاء هذا،فعن النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه قال: (إِنَّ الْهَلَكَةَ كُلَّ الْهَلَكَةِ أَنْ تَعْمَلَ السَيئات فِي زَمَانِ الْبَلَاءِ) . العقوبات لابن أبي الدنيا 327، وذلك أنَّ في البلاء تذكيرا للعبد بذنوبه؛ فربما تاب ورجع منها إِلَى الله عز وجل، وفيه زوال قسوة القلوب وحدوث رقتها، ويوجب للعبد الرجوع بقلبه إِلَى الله عز وجل، والتضرع له والاستكانة، ويوجب له الإقبال على الخالق وحده، فلا يحرم من هذا عند البلاء إلا من استحكمت غفلته.

وأسألُ اللهَ أن يوفِّـقَنا أجمعين لما يحبُّهُ ويرضاه من العمل الصالح، والقول الجميل، فإنه يقول الحق وهو يهدي السبيل.

الإصلاح

 

إقرأ أيضا :

بولوز – سلامتك في لزوم بيتك وطهارة يدك

المصائب والبلاء والحاجة إلى الصبر و الاسترجاع ، الحسين الموس

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى