هشاشة العمل الحكومي – نورالدين قربال
لقد نبهنا الحكومة إلى مجموعة من الاختلالات لعلها تصلح ما تم التقصير فيه. لكن للأسف مازالت كل المؤشرات الدولية والوطنية تؤكد أن الأمور لا تبشر بالخير إلا بعض الاستثناءات وهي ضئيلة جدا. فهل من وقفة تقويمية لما يقع حتى تستمر بلادنا في المحافظة على المكتسبات، والاجتهاد في الإنجازات.
ومن أجل بسط بعض هذه الاختلالات نؤكد على ما يلي:
ارتفع معدل التضخم إلى 7.6 في المئة، وارتفعت الأسعار بنسبة 6 في المئة، وتراجع الطلب الداخلي من 8 في المئة إلى 4.3 في المئة، كما انخفضت المساهمة في النمو الاقتصادي إلى 4.7 في المئة من خلال هذه المعطيات، تم التأكيد على المخرجات التالية: انكماش القيمة المضافة، وارتفاع معدل التضخم، وتراجع الطلب الداخلي، والمساهمة السلبية للمبادلات التجارية، وتفاقم الحاجة إلى التمويل.
لقد اعترفت الحكومة بأن هناك اختلالات وظروفا غير صحية وغير ملائمة على مستوى أسواق الخضر والفواكه من خلال ضعف البنية التحتية والخدمات، والتدبير غير الملائم، وندرة الاهتمام بالصحة والنظافة، والتغطية غير المتكافئة ترابيا ومجاليا، وركود اقتصادي، كل هذا وغيره يؤثر على مستوى العيش والادخار الأسري، مما ينعكس على التقويم والتنقيط الدولي للمغرب.
لقد ورثت الحكومة الحالية مجموعة من المكتسبات التي تحاول تدميرها وطمسها من الذاكرة الوطنية، لكن الشهادات الدولية تثبت هذه المكتسبات، نحو أن المغرب يحتل الرتبة الثالثة عالميا على مستوى جذب الاستثمار حسب توقعات صندوق النقد الدولي، وكذا على المستوى الصناعي. وتجلى هذا في الطاقات المتجددة نحو الهيدروجين الأخضر بجهة كلميم وادي نون. إذن هل تحافظ الحكومة اليوم على هذه المكتسبات وتنفخ فيها روح التجديد والتطور؟
إن الواقع اليوم يؤكد على أن هناك مؤشرات للأسف الشديد لا تبشر بالخير إذا لم يتم الاستدراك من قبل الفاعل الحكومي، لقد بلغ العجز التجاري لسنة 2022 حوالي 56.4 مليار درهم. كما لوحظ أن واردات المغرب من الغذاء تفوق صادراته بأكثر من 7 ملايير درهم، مع نهاية نونبر الماضي ونخص بالذكر القمح والسكر الخام أو المكرر، والشعير.
لقد استشرى الفساد خاصة على مستويات عدة كما أكدت على ذلك فيدرالية المحامين الشباب، مركزين على الاختلالات داخل صفوف العدالة. وبذلك يستعصي علينا إقامة دولة الحق والقانون، لأن العدل هو أساس الحكم. ماذا يعني أن قطاعات حكومية متعددة لم تقدم شيئا إلى الوطن، ولكن القائمين عليها يغيرون المسؤولين بآخرين بناء على الزبونية والمحسوبية؟ التجهيز والتعليم العالي وهلم جرا.
وقد أثبتت بعض استطلاعات الرأي أن 72 في المئة من المغاربة يؤكدون استشراء الفساد في مؤسسات الدولة، والمؤسسات العمومية و65 في المئة غير راضين عن الوضع الاقتصادي بالمغرب. إذن ما هي الرسائل التي تعطيها الحكومة من أجل الدفاع عن نفسها؟ ويمكن التوسع في هشاشة حصيلة الحكومة انطلاقا من تقرير المركز المغربي للمواطنة.
لقد لوحظ إقبال متزايد على التسجيل بالمدارس الكروية، نظرا للإنجاز التاريخي للأسود الذين رسموا نبوغا كرويا وحضاريا للأمة المغربية بدعم ملكي متميز. فهل الحكومة قادرة على “ركركة” القطاع الرياضي حتى نحافظ على المكتسبات ونتطور إلى ما هو أحسن وأرقى؟
أما على المستوى الثقافي نسجل خطأين كارثيين: أولهما نشر أغنية تمجد خصوم وحدتنا الترابية، بفيلم مغربي، وثانيهما الإساءة إلى عائلة عريقة بأقاليمنا الجنوبية.
إنها مهازل الحكومة التي لم تتوقف وآخرها ما تولد عن مباراة المحاماة، وأعمق من هذا كله هو افتقار الحكومة للمنطق السياسي واعتماد البعد العددي مما يفسر تغولا عدديا وفراغا سياسيا وخواء عمليا.
نتمنى أن تكون هذه الصيحة نبراسا لليقظة في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز قيم الشفافية والمشاركة والتواصل مع الرأي العام والتفاعل مع مختلف قضاياه وانشغالاته خدمة لتطلعات جلالة الملك ولأبناء هذا الوطن، كما التزمت به الحكومة في أكثر من مناسبة.