نملة سليمان وفيروس كورونا – عبد الحميد الحرشي
كما هو معلوم في عصرنا الحالي ظهر في العالم فيروس عالمي اسمه فيروس كورونا، هذا الفايروس الذي ينتشر بشكل مهول ورهيب وبسرعة فائقة تمكن من إدخال الرعب والخوف بالعالم كله. وقد جعل من الدول أن تحاصر أنفسها حصارا داخليا حيث منع السفر من دولة إلى أخرى وكذلك منع الحضور إلى المدارس في عدة من الدول من بينها دولة المغرب، والأكثر من ذلك فقد أغلق المسجد النبوي والحرم المكي لمدة قصيرة قصد التعقيم كما منعت العمرة بسبب هذا الوباء كما أغلقت المساجد في عدة من الدول العربية والإسلامية والمغرب من ضمنها قصد الاحتياطات لعدم انتشار هذا الفيروس بشكل كبير. كما أنه تم منع الخروج من البيت إلا للضرورة ومنعت جميع أشكال التجمعات.
هذا الوباء فرض على الناس المكوث في بيوتهم لكي لا ينتشر هذا الوباء بين الناس، ولكن للأسف هناك من الناس من لا يشعر بخطورة الأمر ويستهين بالوباء ويذهب إلى التجمعات كأنه أمر عادي جدا. فهؤلاء لا يعلمون أنهم قد يتسببوا في موت أقربائهم أو يتسببوا في موت جيرانهم بسبب خروجهم ونقل العدوى إليهم، فهم يتصرفون بشكل أناني، وأنهم نسوا أن ديننا يحثنا على التعاون بيننا وأن نحب لإخواننا ما نحبه لأنفسنا كما أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام. فكما لا نحب الضرر لأنفسنا لا نحبه لغيرنا، كما يجب علينا الاتعاظ بقصص القرآن الكريم وتطبيقها في حياتنا اليومية.
ومن بين القصص التي لها علاقة بالموضوع قصة النملة مع سيدنا سليمان عليه السلام فقد قال الله تعالى في سورة النمل: “قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ” هذه النملة تصرفت بشكل إيجابي جدا، فقد شعرت بالخطر عليها وعلى مملكة النمل بأجمعها وكان بإمكانها أن تحمي نفسها فقط ولا تفكر في أصدقائها، ولكنها تصرفت بحكمة ونبهت أصدقاءها ودعتهم إلى الدخول إلى منازلهم حتى لا يحطمنهم النبي سليمان وجنوده بغير قصد، فقد بادرت هذه النملة بهذا العمل الخيري وعاشت هي وجميع النمل.
والعجيب في الأمر أن النملة أمرت أصدقاءها بالدخول إلى مساكنهم وهو نفس الأمر الذي قامت به السلطات المغربية مع الشعب وذلك لمقصد واحد وهو الحفاظ على الأرواح وعدم تفشي المرض.فكلمت ” ادخلوا مساكنكم ” كانت سببا في نجاة أمة النمل، لهذا يجب علينا أن ندخل بيوتنا كي لا نتسبب في موت أقربائنا وجيراننا،لذلك فالسلطات والأطباء والأطر التربوية يقومون بجهود جبارة لكي يحمونا من هذا الوباء فوجب علينا اتباعهم والامتثال إلى أمرهم حفاظا على أرواحنا، كما أنه يجب علينا التعامل مع هذا المرض بشكل إيجابي وأن لا ننشر الأخبار الزائفة وأن لا نهول من هذا الوباء وأن لا نتهاون فيه.
فيجب علينا أن نكون مبادرين كنملة سليمان وذلك بتوعية الناس من خطورة التجمعات في هذه الآونة وأن نتعاون على الخير ومساعدة الفقراء اللذين توقفوا عن العمل بسبب هذا المرض وأن نهتم بالنظافة وغيرها من الإجراءات التي نصحتنا بها الدولة. ومن إيجابيات هذا الوباء أنه جعل من بعض الأسر أن تتواصل فيما بينها وأن يتواصلوا مع أبنائهم والاستماع إلى مشاكلهم وأن يقوموا بوضع برامج مفيدة كقراءة القرآن والكتب المفيدة والاستماع إلى الدعاة عبر الأنترنيت وجعل أبنائهم يتابعون الدراسة عبر الأنترنيت وأمام أعينهم.
فليكن كل واحد منا كنملة سليمان ولنبادر في الخير عبر التكنلوجيا الحديثة ولنبادر على جمع أسرتنا على مدارسة القرآن وفهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. وأن نسأل الله تعالى أن يرفع عنا هذا الوباء وأن نعود إلى حياتنا الطبيعية. والحمد لله رب العالمين.