نتنياهو يسوق لانتصار وهمي وواشنطن تضغط على الجنائية الدولية لعدم مساءلته
“حكومة بلا بوصلة وبلا ضمير”، بهذه العبارة استهل الكاتب إفرايم غانور مقاله بصحيفة “معاريف” العبرية في سياق تعليقه على استمرار تسويق حكومة رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمصطلح النصر الكامل، في ظل استمرار فشل جيش الاحتلال في تحقيق أهدافه بقطاع غزة، مع اقتراب مرور سنة عن معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023.
وقال غانور “كلما اقتربنا من 7 أكتوبر، ذكرى السيوف الحديدية (معركة طوفان الأقصى)، كلما شعرنا بآلة السم بكامل قوتها، نحاول ونعمل على إلقاء اللوم على العالم بأسره، وكل شيء ممكن من أجل إبعاد أي ذرة من اللوم في فشلنا عن الحكومة وزعيمها”.
انتصار وهمي
ووصف غانور مصطلح النصر الكامل بأنه “انتصار وهمي لن يأتي أبدا”، قائلا: “هذه هي الحقائق حول هذا النصر، بعد حوالي عام من الحرب، لا يزال زعيم حركة حماس يحيى السنوار يسكن بالتأكيد في مكان ما في مخبئه ويملي على إسرائيل شروطا.. مع 101 مختطف بين يديه، مستمتعا بمشاهدة دولة إسرائيل ممزقة بين أولئك الذين يقاتلون من أجل إطلاق سراح الرهائن في الصفقة، وأولئك الذين هم على استعداد للتضحية بهم على مذبح النصر المطلق”.
ورفض الكاتب مساعي حكومة الاحتلال لفرض حكومة عسكرية في غزة، معتبرا أنه وهم، وقال “إنها مسألة وقت فقط قبل أن نشعر جيدا بذراع حرب العصابات التي ستشن ضد قواتنا في قطاع غزة، حرب ستكلفنا يوميا ثمنا مؤلما من الدم وتحول هذا الوهم إلى جرح مؤلم ونازف”.
وفي سياق متصل، قالت القناة 12 العبرية أمس الأربعاء، إن تقديرات “إسرائيل” هي أن المحكمة الجنائية الدولية ستصدر قريبا أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت لدورهما المباشر في الحرب المستمرة على قطاع غزة، وإنه لا يمكن منع ذلك.
الاعتقال يطارد نتنياهو
وكشفت القناة أن نتنياهو ووزير العدل ياريف ليفين طلبا من المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا فتح تحقيق جنائي ضد كبار المسؤولين في الدولة لمنع صدور أوامر اعتقال الجنائية الدولية.
وأوضحت أن الهدف من ذلك هو فتح تحقيق ثم إغلاقه مع تقديم تقرير إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن النتائج كبديل عن تشكيل لجنة تحقيق وطنية. وذكرت القناة ذاتها أن المستشارة القانونية رفضت المقترح؛ بحجة أنه لا توجد مبررات، وأنها لن تفتح تحقيقا زائفا.
وكانت صحيفة يديعوت “أحرونوت”، قالت إن المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان طلب أول أمس الثلاثاء إصدار أوامر اعتقال عاجلة بحق رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين وقائدي حركة حماس يحيى السنوار ومحمد الضيف.
وندد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الثلاثاء بموقف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، معتبرا أن مقارنته بين نتنياهو وغالانت من جهة، والسنوار من جهة أخرى تعد “معاداة للسامية وعاًا أخلاقيا”، وفق تعبيره.
ضغوط أمريكية
قد كشف خبراء وجود ضغوط من جانب واشنطن وكيان الاحتلال على المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بطلب الاستعجال في إصدار مذكرات اعتقال بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، مشيرين إلى أن تل أبيب تحاول تجنّب المساءلة، وتتهم المحكمة بمعاداة السامية.
وقال الخبير في شؤون الأمم المتحدة الدكتور عبد الحميد صيام إن هناك ثلاث قاضيات هن المخولات بإصدار مذكرات الاعتقال بالمحكمة، منبها إلى أنهن يمكن أن يخضعن للضغط الذي يمكن أن تتعرض له حكوماتهن، كما أشار إلى أن تهديد أميركا للمحكمة سبق أن عطل إجراء ضد جرائم إسرائيل عام 2014 بدأته رئيسة المحكمة السابقة فاتو بن سودا.
واتفق الكاتب والباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر مع رأي صيام، مشيرا إلى أن انزعاج الكيان من المذكرات وردها باتهام المحكمة بمعاداة السامية وترهيب العدالة الدولية هو سلوك إسرائيلي متواصل، موضحا أنها تحاول دفع الاتهامات عنها بالدعاية وليس بالسلوك الذي يعزز براءتها.
ويحمل الاستعجال في إصدار مذكرات التوقيف قبل جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة وخطاب نتنياهو فيها وزنا معنويا إذا أصدرت المذكرات بالفعل، لأن الجنائية الدولية تتعرض لضغوطات كبيرة من الكيان وواشنطن، كما يقع عليها ضغط أخلاقي يتعلق بدورها وسمعتها إذا لم تقم بواجبها في إدانة أكبر عمليات الإبادة الجماعية المرئية التي حدثت في تاريخ العالم بغزة.