من إنجازات المسلمين في رمضان3| الأزهر أشهر المساجد الأثرية في مصر

يحفل تاريخ المسلمين بإنجازات حضارية تمت في شهر رمضان الكريم لازالت بادية للعيان؛ يشهد بعضها على عبقريتهم ورقيهم، ويدلل البعض الأخر على حيازتهم قصب السبق في مجالات معرفية متعددة، حتى سارت بها الركبان كما يقال.

وكان عطاء المسلمين في شهر رمضان مضرب مثل على القدرة على بين العمل والإبداع من جهة، وأداء الشعائر التعبدية من جهة أخرى، فلم يعرف عنهم فتور بسبب الصيام والقيام، بكل كان حافزا لهم في درب الجود والعطاء.

ولا ينحصر رصد “سلسلة إنجازات المسلمين في رمضان” على إيراد الملاحم التي يشتهر بها شكر رمضان، بل يمتد إلى سرد الانجازات في مناحي متعددة، حتى لا يحسب على هذا الشهر أن شهر الغزوات والمعارك الكبرى فقط وإنما فيه عطاءات في العلم والمعرفة والتقنيات.

يعتبر تدشين جامع الأزهر بمصر من ضمن أهم الانجازات التي تحققت للمسلمين في هذا القطر الإسلامي بعده فتحه، لكونه سيتحول إلى منارة للعلم والمعرفة، ويساهم في استنهاض الهمم في أحلك الفترات التي عاشها المسلمون، لذلك كان محط هجوم من كل غاز تطؤ قدماه تراب الكنانة أمثال الفرنسيين والانجليز.

والجامع الأزهر هو أهم مساجد مصر على الإطلاق، وأحد المعاقل التاريخية لنشر وتعليم الإسلام كذلك هو واحد من أشهر المساجد الأثرية في مصر والعالم الإسلامي، وجزء من مؤسسة الأزهر الشريف يعود تاريخ بنائه إلى بداية عهد الدولة الفاطمية في مصر.

تروي المصادر التاريخية أن جامع الأزهر يعتبر ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم بعد جامعة القرويين، وأن جوهر الصقلي قام بعد فتح مصر سنة 969م، بالشروع إنشاء الجامع الأزهر ليكون مسجدا جامعا للمدينة في 359هـ/970م، وأتم تشييده وأقيمت فيه أول جمعة في رمضان سنة 361هـ /972م.

بعد تشييده بسنوات قليلة، قام الأزهر بوظيفته التعليمية الأولى في صفر 365 هـ / الموافق أكتوبر 975م حين جلس قاضي القضاة “أبو الحسن علي بن النعمان” بإلقاء أول درس علمي، وقرأ في وسط حشد من الناس مختصر أبيه في فقه آل البيت، فكانت هذه أول حلقة علمية بالجامع الأزهر.

وكان نظام التعليم فيه بسيطا إذ يلتحق الطالب بالأزهر بعد تعلم القراءة والكتابة والحساب وحفظ القرآن، دون التزام بسن معينة للطالب، ثم يتردد الطالب على حلقات العلماء ويختار منها من يريد من العلماء القائمين على التدريس، وكانوا يدرسون العلوم الشرعية من فقه وحديث وآداب وتوحيد ومنطق وعلم الكلام.

وشهد الأزهر إصلاحات متعددة ومن أبرزها قانون الأزهر في 1869 الذي كان خلف صدوره الشيخ محمد عبده حيث كان يقود حركة إصلاحية لتطوير الأزهر، وقد حدد القانون سن قبول التلاميذ بخمسة عشر عاما مع مواد جديدة تشمل الأخلاق ومصطلح الحديث والحساب والجبر والعروض والقافية والتاريخ الإسلامي، والإنشاء ومتن اللغة، ومبادئ الهندسة وتقويم البلدان.

وقد أنشأ هذا القانون شهادة تسمى “الأهلية” يتقدم إليها من قضى بالأزهر ثماني سنوات ويحق لحاملها شغل وظائف الإمامة والخطابة بالمساجد، وشهادة أخرى تسمى “العالمية”، ويتقدم إليها من قضى بالأزهر اثني عشر عامًا على الأقل، ويكون من حق الحاصلين عليها التدريس بالأزهر.

واستوى الأزهر على شكله الحالي بعد صدور القانون 103 في 5 من يوليوز 1961م) الذي أصبح الأزهر بمقتضاه جامعة كبرى تشمل إلى كلياته الثلاثة القديمة كليات مدنية، تضم: كلية المعاملات والإدارة، وكلية الهندسة، وكلية الطب، وكلية الزراعة، وكلية البنات التي جعلت بمثابة جامعة خاصة تشمل على أقسام الطب والعلوم والتجارة والدراسات الإسلامية والدراسات العربية، والدراسات الاجتماعية والنفسية.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى