من إنجازات المسلمين في رمضان 8| جامع ابن طولون شاهد على ذروة الابتكارات

يحفل تاريخ المسلمين بإنجازات حضارية تمت في شهر رمضان الكريم لازالت بادية للعيان؛ يشهد بعضها على عبقريتهم ورقيهم، ويدلل البعض الأخر على حيازتهم قصب السبق في مجالات معرفية متعددة، حتى سارت بها الركبان كما يقال.

وكان عطاء المسلمين في شهر رمضان مضرب مثل على القدرة على بين العمل والإبداع من جهة، وأداء الشعائر التعبدية من جهة أخرى، فلم يعرف عنهم فتور بسبب الصيام والقيام، بكل كان حافزا لهم في درب الجود والعطاء.

ولا ينحصر رصد “سلسلة إنجازات المسلمين في رمضان” على إيراد الملاحم التي يشتهر بها شكر رمضان، بل يمتد إلى سرد الانجازات في مناحي متعددة، حتى لا يحسب على هذا الشهر أن شهر الغزوات والمعارك الكبرى فقط وإنما فيه عطاءات في العلم والمعرفة والتقنيات.

يمثل جامع ابن طولون بمصر ذروة ما وصلت إليه العمارة في الحضارة الإسلامية الحضارة بفعل الابتكارات والإبداعات التي حققها المهندسون المسلمون، خلال بحثهم عن تطوير هذه الحضارة في مختلف جوانبها الفكرية والعلمية والاقتصادية والتقنية..

في الثاني عشر من شهر رمضان عام 265 هـ الموافق 7 ماي 879 م، شيد أحمد بن طولون جامعا حمل اسمه “جامع ابن طولون” في القاهرة، إذ أنفق على بنائه 120 ألف دينار آنذاك، ويعد هذا الجامع نموذجا فريدا في تاريخ العمارة الإسلامية، ودرة في تاريخ المساجد الأثرية. 

وقد اهتم ابن طولون مؤسس الدولة الطولونية بالأمور الهندسية في بناء المسجد، ويعتبر هذا الجامع بمثابة المسجد الوحيد بمصر الذي غلب عليه طراز سامراء حيث المئذنة الملوية المدرجة. يقع جامع ابن طولون في حي السيدة زينب بالقاهرة، ويعد ثالث جامع بُني بمصر.

ويعد جامع أحمد بن طولون هو المسجد الوحيد الباقي في مصر، الذي لم تتغير معالِمُه، وقد تغيرت معظم معالم مسجد “عمرو بن العاص”، وكذلك جامع الأزهر الشريف بمرور العصور. ويتميز هذا الجامع بزخارفه الإسلامية البديعة التي تَجعله أحد النماذج النادرة للفن الإسلامي والعمارة الإسلامية.

قام السلطان لاجين بإدخال بعض الإصلاحات فيه، وعين لذلك مجموعة من الصناع، كما أمر بصناعة ساعة فيه، فجعلت قبة فيها طيقان صغيرة على عدد ساعات الليل والنهار وفتحة، فإذا مرت ساعة انغلقت الطاقة التي هي لتلك الساعة وهكذا. 

وحسب كتاب الموسوعة التاريخية، شهد الجامع إصلاحات وتعديلات متعددة، ففي عهد الدولة الأيوبية أصبح جامع ابن طولون جامعة تدرس فيها المذاهب الفقهية الأربعة، وكذلك الحديث والطب إلى جانب تعليم الأيتام.

وكان هذا الجامع شاهدًا على التفوق العلمي للمسلمين، حيث وضع في سطحه اختراع من اختراعات المسلمين وهي الميقاتية التي وضعت لتحرير الوقت، ويتميز جامع أحمد بن طولون أن بناءه مقاوم للنيران ولمياه الفيضان، وكان هذا طلب ابن طولون من المهندس الذي أنشأه، وعلى الرغم من أنّ تخطيط الجامع يتبع النظام التقليدي للمساجد “الجامعة”.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى