ماذا يعني وقف المنح الفيدرالية والمساعدات الخارجية الأمريكية؟

أوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنح والقروض وغيرها من المساعدات الفيدرالية، وفقًا لمذكرة حكومية مسربة، أكدها البيت الأبيض لاحقاً.

وتأمر المذكرة المكونة من صفحتين، والصادرة عن القائم بأعمال رئيس مكتب الميزانية في البيت الأبيض الوكالات بـ “إيقاف جميع الأنشطة المتعلقة بالالتزامات أو صرف جميع المساعدات المالية الفيدرالية مؤقتاً”.

ولا يزال الكثير من التفاصيل حول الأمر، الذي دخل حيز التنفيذ بعد ظهر الثلاثاء، غير واضحة، مما أثار بلبلة واسعة النطاق. ويمكن أن يؤدي ذلك الأمر الرئاسي إلى شل مليارات الدولارات المخصصة للبرامج الفيدرالية، مثل الإغاثة من الكوارث وأبحاث السرطان. وحذر الديمقراطيون من أن ذلك قد يكون له عواقب وخيمة وبعيدة المدى.

وفي أول مؤتمر صحفي لها كسكرتيرة صحفية للبيت الأبيض، دافعت كارولين ليفات عن الأمر الرئاسي، وقالت إن الدافع وراء التجميد هو “الحرص على أموال الضرائب”. وأضافت: “أعتقد أن هذا إجراء معقول للغاية”، موضحة أن التوقف المؤقت سيسمح للحكومة بالتخلص من الإنفاق على قضايا الجندر وبرامج التنوع العرقي التي تتعارض مع أوامر ترامب التنفيذية.

وقال البيت الأبيض إن مزايا الرعاية الطبية والضمان الاجتماعي لن تتأثر، ولن تتأثر أي برنامج “توفر فوائد مباشرة للأفراد”، بما في ذلك برنامج المساعدة الغذائية التكميلية أو كوبونات الطعام.

لكن ليفات لم توضح كيف سيتم حماية المساعدات للأفراد في الممارسة العملية، حيث يذهب الكثير منها أولاً إلى حكومات الولايات والمنظمات الأخرى، والتي تمرر المساعدة بعد ذلك إلى الأفراد.

كما لم تستبعد ليفات قطع برنامج Medicaid، وهو برنامج مشترك بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات يوفر التأمين الصحي للأميركيين ذوي الدخل المنخفض.

وبعد ساعات من إصدار الأمر في وقت متأخر من الليل، أصدر البيت الأبيض مذكرة ثانية، تحتوي على مزيد من المعلومات. وجاء في المذكرة الثانية أن الإيقاف المؤقت ليس “شاملاً”، بل ينطبق فقط على المشاريع التي تشملها الأوامر التنفيذية المختلفة التي أصدرها ترامب، بما في ذلك تلك التي تهدف إلى إلغاء برامج التنوع العرقي في الحكومة الفيدرالية.

وهاجم الديمقراطيون التجميد، قائلين إنه سيجلب الفوضى والأذى لملايين الأميركيين وحذروا من أنه ينتهك القانون الفيدرالي. وفي رسالة إلى البيت الأبيض، أعرب كبار الديمقراطيين عن “الانزعاج الشديد”. 

وكتبت السناتور باتي موراي من واشنطن وعضو الكونغرس روزا دي لاورو من كونيتيكت: “إن نطاق ما تأمرون به مذهل وغير مسبوق وسيكون له عواقب مدمرة في جميع أنحاء البلاد”. وأضافتا: “نكتب اليوم لحثكم على احترام القانون والدستور وضمان تسليم جميع الموارد الفيدرالية وفقًا للقانون”.

وقال تحالف من المدعين العامين للولايات الديمقراطية إنهم سيرفعون دعوى قضائية لمنع الأمر، ووصفوه بأنه غير دستوري. وكتبت المدعية العامة لنيويورك ليتيشا جيمس على وسائل التواصل الاجتماعي: “سيتخذ مكتبي إجراءات قانونية وشيكة ضد الإيقاف غير الدستوري لهذه الإدارة للتمويل الفيدرالي”، وتابعت: “لن نجلس مكتوفي الأيدي بينما تلحق هذه الإدارة الضرر بعائلاتنا”.

ودعا القائم بأعمال رئيس مكتب الإدارة والميزانية ماثيو فايث الوكالات الحكومية إلى ضمان اتساق الإنفاق مع أولويات ترامب، وذلك وفي مذكرة مساء يوم الاثنين، بعد أيام من توقف الولايات المتحدة عن تقديم جميع المساعدات الأجنبية تقريباً.

وكتب فايث أن الوكالات الفيدرالية يجب أن “توقف مؤقتاً جميع الأنشطة المتعلقة بالالتزام أو صرف جميع المساعدات المالية الفيدرالية”، وأي برامج أخرى تشمل “التنوع والمساواة والإدماج، وأيديولوجية الجندر والاتفاق الأخضر الجديد”.

وتهدف برامج التنوع والمساواة والإدماج إلى تعزيز المشاركة في أماكن العمل من قبل أشخاص من خلفيات متنوعة. ويقول مؤيدوهم إنهم يعالجون التمييز التاريخي أو المستمر ونقص تمثيل مجموعات معينة، بما في ذلك الأقليات العرقية، لكن المنتقدين يزعمون أن مثل هذه البرامج يمكن أن تكون تمييزية في حد ذاتها.

ولم يتم بعد تمرير قانون يقر الاتفاق الأخضر الجديد، وهو اقتراح لمنع تغير المناخ من خلال السياسة العامة. وأشار فايث أن التوقف سيستمر حتى منتصف فبراير على الأقل، وطلب من الوكالات تقديم تقرير مفصل عن البرامج التي تأثرت بحلول 10 فبراير.

ولا يزال من غير المؤكد مقدار الأموال المعنية بالأمر، وتشير المذكرة إلى أن الحكومة الفيدرالية أنفقت 10 تريليون دولار في السنة المالية 2024، ذهب أكثر من 3 تريليون دولار منها إلى المساعدات المالية الفيدرالية، لكن مصدر هذه الأرقام غير واضح، وأفاد مكتب الميزانية في الكونغرس غير الحزبي أن الحكومة أنفقت 6.7 تريليون دولار في ذلك العام.

كما أعربت منظمات غير ربحية عن قلقها من الأمر، و قالت ديان ينتيل، الرئيسة التنفيذية للمجلس الوطني للمنظمات غير الربحية، في بيان: “إن هذا الأمر يشكل أزمة بالغة للمنظمات غير الربحية والأشخاص والمجتمعات التي تخدمها”.

وأضافت: “من إيقاف الأبحاث حول علاجات سرطان الأطفال إلى إيقاف المساعدات الغذائية والسلامة من العنف المنزلي وإغلاق خطوط المساعدة للانتحار، إن تأثير أي توقف قصير في التمويل قد يكون مدمراً ويكلف أرواحاً”.

وتأتي هذه الخطوة في أعقاب الأخبار التي وردت الأسبوع الماضي والتي تفيد بأن وزارة الخارجية أصدرت قراراً بوقف جميع المساعدات الخارجية التي تقدمها تقريباً وإيقاف المساعدات الجديدة، وفقًا لمذكرة داخلية أرسلت إلى المسؤولين والسفارات الأمريكية في الخارج.

وللأمر أثر بالغ على العديد من القضايا، مثل المساعدات الإنمائية والمساعدات العسكرية، مع استثناءات فقط للمساعدات الغذائية الطارئة والتمويل العسكري لإسرائيل ومصر.

وأصدر ترامب في وقت سابق أمرا تنفيذيا بوقف مؤقت لمدة 90 يوما للمساعدات الإنمائية الأجنبية في انتظار مراجعة الكفاءات والاتساق مع سياسته الخارجية. وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات الدولية في العالم، حيث أنفقت 68 مليار دولار في عام 2023، وفقاً لأرقام حكومية.

عن موقع بي بي سي

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى