فَضْلُ الأضْحِيَّة ومقاصدها والحكمة منها
ذبح الاضحية سنة مؤكدة، وهي افضل من التصدق بثمنها، وهي من شعائر الله
قَال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32].
فالأضْحِيَّة مِن شعائِرِ اللهِ تعالى ومعالِمِه .
وعن البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عنه: قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (مَن ذبَحَ قبل الصَّلاةِ فإنَّما يذبحُ لنَفْسِه، ومَن ذَبَحَ بعد الصَّلاةِ فقد تَمَّ نسُكُه وأصاب سُنَّةَ المُسْلمينَ) .
َّ فالذَّبحَ لله تعالى والتقَرُّبَ إليه بالقَرابينِ؛ من أعظَمِ العباداتِ، وأجَلِّ الطاعاتِ، وقد قَرَنَ اللهُ عزَّ وجلَّ الذَّبحَ بالصَّلاةِ في عِدَّةِ مواضِعَ مِن كتابِه العظيمِ؛ لبيانِ عِظَمِه وكَبيرِ شَأنِه وعُلُوِّ مَنزِلَتِه .
ومِن حِكَمِ مشروعيَّةِ الأضْحِيَّة ومقاصدها :
1- شُكْرُ اللهِ تعالى على نِعمةِ الحياةِ.
2- إحياءُ سُنَّةِ إبراهيمَ الخليلِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حين أمَرَه الله عزَّ اسمُه بذَبحِ الفِداءِ عن ولَدِه إسماعيلَ عليه الصَّلاة والسَّلامُ في يومِ النَّحرِ، وأن يتذكَّرَ المؤمِنُ أنَّ صَبرَ إبراهيمَ وإسماعيلَ- عليهما السَّلامُ- وإيثارَهما طاعةَ اللهِ ومحَبَّتَه على محبَّةِ النَّفْسِ والولدِ- كانا سبَبَ الفِداءِ ورَفْعِ البلاءِ، فإذا تذَكَّرَ المؤمِنُ ذلك اقتدى بهما في الصَّبرِ على طاعةِ الله، وتقديمِ محبَّتَه عزَّ وجلَّ على هوى النَّفْسِ وشَهْوَتِها. واذا ثقل عليه امر من الطاعات كالقيام لصلاة الفجر مثلا فليقل اين هذا من هم ابراهيم ذبح ابنه اسماعيل طاعة لله،وهكذا في الزكاة ومختلف الطاعات، فجوهر الدين بعد التوحيد الاستسلام لله فيما امر ونهى والتضحية لاعلاء كلمة الله على هوى النفس وهوى الخلق.
3- أنَّ في ذلك وسيلةٌ للتَّوسِعةِ على النَّفْسِ وأهلِ البَيتِ، وإكرامِ الجارِ والضَّيفِ، والتصَدُّقِ على الفقيرِ، وهذه كلُّها مظاهِرُ للفَرَحِ والسُّرورِ بما أنعَمَ اللهُ به على الإنسانِ، وهذا تحدُّثٌ بنعمةِ الله تعالى، كما قال عزَّ وجل: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ[الضحى: 11].
4- أنَّ في الإراقةِ مبالغةً في تصديقِ ما أخبَرَ به اللهُ عزَّ وجلَّ؛ مِن أنَّه خَلَقَ الأنعامَ لنَفْعِ الإنسانِ، وأَذِنَ في ذَبْحِها ونَحْرِها؛ لتكونَ طعامًا له.
فمجمل مقاصد الاضحية:التمتع بنعم الله تعالى وشكره عليها، فياكل العبد منها ويوسع على عياله، ومقصد نيل الاجر والثواب بالذبح لله تعالى والتصدق بما تيسر منها، ثم التودد بها الى الاقرباء والاحباب والجيران بالضيافة والاهداء، وتستفاد هذه المقاصد من عموم قوله تعالى:قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ,والنسك الذبح، وقوله تعالى:”لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ”
وقوله سبحانه تعالى: (فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ)،
وقوله تعالى : ( فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) . فالقانع السائل المتذلل، والمعتر المتعرض للعطية بدون سؤال ، وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : ” كلوا وأطعموا وادخروا ” . رواه البخاري والإطعام يشمل الهدية للأغنياء والصدقة على الفقراء ، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : ” كلوا وادخروا وتصدقوا “. رواه مسلم .
د.محمد بولوز