عن صلاح الآباء أحكي ولا أفتي – عبد الحق لمهى
إليكم أيها الأحبة، أنتم الآباء، أنتم الأركان الأساسية التي تقوم عليها الأسرة، فصلاحها من صلاحكم.
حينما يقرأ الإنسان المسلم القرآن الكريم، وتحديدا في سورة الكهف يجد أن صلاح وحفظ الأبناء يرجع بالأساس إلى صلاحكم، أيها الآباء الكرام.
ومنه فلا منجى من كل البلاء والآفات التي قد تعرض للأبناء في هذه الحياة إلا بصلاح واستقامة كل أب وأم ومن هم في منزلتهم شرعا مثل الخالات اللواتي هن في منزلة الأمهات أو الأعمام والجدود الذين هم في منزلة الآباء.
إذا تم ما سبق ذكره، وعلم كل مسلم مؤمن أن صلاحنا نحن الآباء هو راس الامر كله في طلب النجاة للأولاد. أمكن الحديث عن بعض القواعد الأساسية في طريق ضمان هذا الصلاح الذي يرجوه كل مؤمن صادق الإيمان، ومن تلكم القواعد:
أولا : ـ طلب العلم : فقد ثبت بنصوص الوحي أن العلم أول المطلوب من المؤمن قبل إقدامه على العمل، قال تعالى :” اَ۪قْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ اَ۬لذِے خَلَقَۖ (( العلق،1)، والناظر في بعض كتب الحديث يجد علماء الحديث قد رتبوا أبواب الحديث ترتيبا جعلوا أول أبوابه ، باب العلم قبل القول والعمل.
وطلب العلم المقصود هنا، هو العلم بالضروري من الدين أولا، فهو مما لا يعذر أحد بجهله، خاصة وأن أدوات طلب العلم في عصرنا عرفت تطورا، يمكن فئات المجتمع على اختلاف مستوياتهم من التعرف على هذا الضروري من أمور الدين، فهناك القنوات التلفزية مثلا تبث برامج متنوعة تستهدف مختلف الشرائح الاجتماعية وبمختلف اللغات والأشكال البيانية التوضيحية لما ينبغي للمؤمن تعلمه والإحاطة به.
ثم يأتي بعد ذلك، كل علم يقدر الإنسان على طلبه، مما له فائدة له في دينه ودنياه، ويتحقق له به العون على صلاحه فهو مما يستحسن له الإقبال عليه بكل قوة.
إن طلب الصلاح بدون علم، ما يأتي به من الفساد لنفس المؤمن أكثر مما يحصله من الصلاح. فالجهل مفاسده على المؤمن كثيرة، فالبدار البدار إلى تحصيل ما تيسر من العلم بالله ينعم المؤمن بصلاح مؤسس على هدى من الله.
ثانيا: إقامة شعائر الله تعالى: وأولها واعلاها درجة في الطلب إقامة الصلاة بشروطها وصورتها المطلوبة شرعا، ولا يتحقق ذلك إلا بطلب فقه هذه العبادة الجليلة، حتى تكون منضبطة والشريعة الإسلامية.
إن الصلاح الحقيقي لا يكون إلا بجعل الصلاة ـ التي هي عماد الدين ـ عماد حياة الإنسان المسلم.
ويكفي في التذكير بهذا الواجب الشرعي، من إقامة الصلاة، أنها فريضة شرعت في السماء، وفي ذلك ما فيه من أن القيام بها يعني سمو الإنسان عن كل النقائص، وبالتالي تحقيق صلاحه.
ثالثا: الرفقة الصالحة: خير قدوة لنا في هذا الامر، هم الصحابة الكرام وقبلهم الأنبياء الكرام عليهم السلام، فهم لم يستغنوا عن اتخاذ الرفقة الصالحة التي تعينهم على الحق والصلاح، فهذا نبي الله موسى يشد أزره برفيقه هارون أخاه، وذكر عنه القرآن مع كان من أمر صحبته للفتى والرجل الصالح مما ذكرته سورة الكهف بالتفصيل، ثم هذا أبو بكر الصديق والإمام علي يعيشان في صحبة رسولنا الكريم ينهلان من عين صحبته بما يرقي وينمي معاني الصلاح فيهما، فالرسول عليه السلام هو معينهما على أمر صلاحهما.
تلكم هي بعض المعالم المساعدة على بلوغ درجة الصلاح، وللإنسان المؤمن أن يبحث عن كل وسيلة أخرى يكون من شأنها، تحقيق مزيد من الفلاح في هذه الدنيا، وكل ذلك بما يعين على الوصول على غاية أخرى وهي حفظ الآبناء.
وختاما، هي تذكرة لنفسي ولغيري، عسى الله تعالى أن يرشدنا ويوفقنا إلى خير العمل وعمل الخير، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين.