علَّمتْنا غزَّة! – أدهم شرقاوي
1 – علمتنا غزَّة أن القانون الدولي مجرَّد حبر على ورق، وأن شِرعة حقوق الإنسان نكتة!
2 – علمتنا غزَّة أن هذا العالم أعور، يديرُ عينه المبصرة حيث شاء، ويدير العوراء حيث شاء، فأطفال غزَّة ليسوا كأطفال أوكرانيا! أولئك رومٌ مثلهم، أما نحن فعرب!
3 – علمتنا غزَّة أنَّ الحقَّ يُنتزع انتزاعاً ولا يُستجدى، لن يأتي أحدٌ إليكَ ليقول أنتَ طيَّب وسأعطيكَ ما تريدُ! إذا كنتَ تريدُ شيئاً مُدَّ يدكَ وخذه رغماً عن العالم!
4 – علمتنا غزّة أن تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها ممكن، وأنَّ ما حدث هذه المَّرة ما هو إلا «بروفة» مصغرَّة لما سيأتي!
5 – علّمتنا غزّة أن من يردُ يستطع، وأن المسألة لم تتعلّق يوماً بالإمكانيات وإنما بالإرادة، من كان يتخيَّل، مجرَّد تخيلٍ أن غزَّة المحاصرة بإمكانها أن تصنع سلاحها وتُحارب به وتُدهش أحبابها قبل أعدائها!
6 – علّمتنا غزَّة أنَّ نحترم النعم، هناك حيث تغدو شربة الماء النَّظيف حُلُماً، والرَّغيف الطازج إنجازاً، والاستحمام رفاهية تُشبه التمدد على شواطئ المالديف، والبيت الصّغير جداً أثمن من قصور الدُّنيا ما دام لم يسقط على رؤوس ساكنيه!
7 – علّمتنا غزَّة أنَّ أشباه الصَّحابة يعيشون بيننا، أحفاد خالد بن الوليد يقتحمون صفوف الأعداء بشراسة، وأحفاد سعد بن أبي وقاص يرمون بدقّة، وأحفاد عكرمة ما زالوا يتبايعون على الموت، وأحفاد القعقاع صوتهم في الجيش يخلع القلب من مكانه، سمعناهم يقولون: باسم الله الغالب!
8 – علّمتنا غزّة أن الخنساء لم تمُتْ، وأن عشرات آلاف النُّسخ منها ما زلن يعِشْنَ بيننا، يُقدمنَ أولادهُنَّ في سبيل الله صابراتٍ محتسباتٍ ولسان حالهنَّ: اللهُمَّ خذ من دماء أولادنا حتى ترضى!
9 – علّمتنا غزّة أنَّ الأطفال إذا ربَّتهم المصاعب كبروا قبل أوانهم، وبلغُوا مبلغ الرَّجال قبل أقرانهم، وكأنهم صبيُّ الأخدود الذي أحيا دمه قوماً مؤمنين أُحرقوا جميعاً أحياء ولم يرتدُّوا، هذا الدين تُحييه الدماء وتُطفئه الدموع، فامسحوا دموعكم، وربُّوا شُهداء الغد!
10 -علّمتنا غزّة أنَّ العقيدة سلوكٌ لا سُطور، لم نرَ منهم ساخطاً على قضاء اللهِ، يجمعون أشلاء أحبائهم ويحمدون ربَّهم، يمسحون دموعهم بيد ويُتابعون الجَمع بيد أُخرى، عقيدتهم امتلأت بها قلوبهم ففاضتْ على جوارحهم!