في الذكرى الثانية لـ “طوفان الأقصى”.. القضية الفلسطينية في مركز الاهتمام العالمي

في صباح يوم السابع من أكتوبر 2023، تمكنت مجموعة من ” كتائب القسام” من اجتياز الخط الزائل للاحتلال “الإسرائيلي”، وسط غطاء صاروخي مكثف، واستهداف لمنظومات القيادة والسيطرة لدى الاحتلال، وتنفيذ هجوم منسق متزامن على أكثر من 50 موقعا في فرقة غزة والمنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، مما أدى إلى إسقاط دفاع الفرقة.

 ودار قتال في قاعدة “رعيم” مقر قيادة فرقة غزة، وطوّرت الكتائب الهجوم على عدد من أهداف الاحتلال خارج فرقة غزة منها: “أوفاكيم”، “نتيفوت” و”مشمار هنيغف”، وخاضت مواجهاتٍ ضاريةً في “بئيري” و”سديروت”.

وتزامنا مع الهجوم، أعلن القائد العام لكتائب القسام الشهيد محمد الضيف، بدء عملية “طوفان الأقصى”، ردا على جرائم الاحتلال “الإسرائيلي” بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأٌقصى المبارك.

وبتاريخ 11 أكتوبر، أعلنت كتائب القسام أنها تمكنت من القيام باستبدال للمقاتلين في محور “زيكيم”-عسقلان ومحور “صوفا” ومحاور أخرى، وخاض مجاهدوها اشتباكاتٍ عنيفة في منطقة “صوفا”.

وردا على هذه العملية، شنت “إسرائيل” عدوانا على قطاع غزة، ارتكبت خلاله جرائم إبادة جماعية، راح ضحيتها 76.639 شهيدا ومفقودا، بينهم 20 ألف طفل، و12.500 امرأة، بالإضافة إلى 169.583 مصابا، بينهم 19 ألف بحاجة إلى تأهيل طويل الأمد.

وحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن نسبة الدمار الذي أحدثه الاحتلال في القطاع وصلت إلى 90%، خلال حرب الإبادة، لافتًا إلى أن الاحتلال ألقى 200 ألف طن من المتفجرات على القطاع.

وذكر أن الاحتلال دمر 268 ألف وحدة سكنية كليا، و149 ألف وحدة بشكل بليغ غير صالح للسكن، و153 ألف وحدة دمرها جزئيا، مشيرا إلى أن هناك 288 ألف أسرة فلسطينية بدون مأوى.

بدوره، اعترف جيش الاحتلال بمقتل 1152 جنديا منذ بداية الحرب، 262 منهم قتلوا خلال السنة العبرية الأخيرة، مبينا أن من بين القتلى 1035 جنديا وضابطا من الجيش، ومنهم 43 عنصرا من فرق الحراسة، و9 من “الشاباك”.

وشكلت “طوفان الأقصى” تحوّلا استراتيجيا في مجرى الصراع وتاريخ المقاومة الفلسطينية، كاشفة عن ضعف الاحتلال وهشاشته وعن تصدّع منظومة ردعه العسكرية، مما عمّق أزماته الداخلية.

ونجحت في إعادة القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام العالمي بعد سنوات طويلة من التهميش والتجاهل، بعدما نجح الكيان المحتل في تحويل عملية السلام التي بدأها مع الجانب الفلسطيني إلى متاهة حقيقية، لا يستطيعون الفكاك منها، ودون أي أفق لإقامة دولة فلسطينية في ظل حكومة يمينية متطرفة لا تعترف بأي نوع من الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، وتستكثر عليه حكما ذاتيا محدودا.

ووجدت “إسرائيل” نفسها في عزلة دولية غير مسبوقة، وواجهت انتقادات داخلية ودولية متزايدة بسبب استمرار حربها المسعورة، مع تصاعد موجات الاحتجاجات العالمية ضد جرائم الإبادة التي ترتكبها بغزة.

وانطلقت مظاهر التضامن الدولي مع قطاع غزة، واشتعلت الوقفات والمسيرات شبه اليومية في مختلف دول العالم، وفي الجامعات الأمريكية تنديدا باستمرار حرب الإبادة، وللمطالبة بمقاطعة “إسرائيل” ووقف دعمها بالأسلحة، فيما اتهمت منظمات أممية وحقوقية دولية جيش الاحتلال بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وخرقه للقانون الدولي الإنساني.

وبعد مرور عامين على “طوفان الأقصى”، ما تزال تداعياتها تعصف بالمشهد “الإسرائيلي” وتلقي بظلالها الثقيلة على القيادة السياسية والعسكرية في “إسرائيل”.

فقد تصاعدت الانقسامات والاحتجاجات في “تل أبيب” للمطالبة بوقف الحرب من أجل تحرير الأسرى المحتجزين في غزة، ومحاسبة المسؤولين، وسط حالة استقطاب سياسي ومجتمعي لم تشهدها “إسرائيل” منذ سنوات.

وفي يناير 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارا يلزم “إسرائيل” بمنع وقوع إبادة جماعية في قطاع غزة.

وفي نوفمبر 2025، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب، لكن هذه القرارات لم تستطع وضع حد لإنهاء العدوان.

ورغم حجم الدمار الهائل في غزة، فإن المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تثبت قدرتها على الصمود والمناورة العسكرية طوال عامين من المواجهة، وأظهرت قدرة على استنزاف القوات “الإسرائيلية”، إذ تمكنت من تنفيذ عمليات نوعية شلت قدرة الاحتلال العسكرية وأربكت قيادته، وكبدته، خلال العمليات البرية في القطاع خسائر فادحة في الأرواح والآليات، رغم اتباعه سياسة الأرض المحروقة.

ونجحت المقاومة عسكريا واستخباراتيا في الاحتفاظ بأسرى الاحتلال، رُغم القصف العنيف والإبادة، واستخدام الاحتلال كل وسائل التكنولوجيا في العالم والطائرات المُسيرة الحديثة للبحث عنهم ومعرفة أماكن تواجدهم في القطاع.

ووحّدت المعركة الموقف الفلسطيني الشعبي، وأعادت روح الإجماع حول خيار المقاومة ورفض التهجير القسري الذي حاولت حكومة الاحتلال تنفيذه عبر القصف والقتل وارتكاب المجازر.

وفشل الاحتلال بعد مرور عامين على المعركة في تحقيق أهدافه، رغم وحشيته وحجم الدمار والمجازر التي ارتكبها، وسط تمسك الشعب الفلسطيني بثوابته وحقوقه ومقاومته.

وكالة صفا (بتصرف)

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى