سلسلة قراء مغاربة 7| يونس غربي .. ضرير تَسيّد المسابقات القرآنية

منارات قرآنية تصدح بأصواتهم المساجد والمنتديات، ولترتيلهم تهفو القلوب، وتبتهج الأفئدة، وتشنف الأسماع، وفي كل مساراتهم تُرسم مشهديات النبوغ المغربي؛ فكأنهم أوتوا مزمارا من مزامير داود عليه السلام.
تتلألأ بهم مسابقات حفظ القرآن الكريم وتجويده في أصقاع العالم، فبحضورهم تكتمل المناسبات، وتحتدم المنافسات، وتشتد التحديات، وتلك من خصالهم المشهود لهم بها منذ القدم، وتحكي عنها المنافسات في الوقت الحاضر.
إنهم قراء المملكة المغربية؛ الذين ما تباروا في منافسة إلا سطروا فيها كبرى الأساطير، يبزون أقرانهم فيظفرونهم بقوة الحفظ، وعذب الترتيل، وحصافة العقل، بهم ترتفع الإيقاعات وتتفتق المواهب الرامية إلى الصدح بكتاب الله المجيد.
أولئك أبناء اللوح والقلم، لمثلهم تنظم الأعراس القرآنية، ويطاف بهم فوق سروج الخيول في المدن والمداشر إعلاء لمكانتهم كاهل الله وخاصته. نقدمهم لكم في سلسلة تعريف بقراء مغاربة:
لم يمنعه كونه كفيف البصر من أن يحفظ القرآن الكريم، فكانت أربع سنوات كفيلة ببلوغ مناه وتحقيق أحلامه في تحمل أمانة الله عز وجل، وأن يكون من أهل الله وخاصته، فأنار الله دربه من عتمات الفقد وفتح بصيرته التي تسمو فوق البصر.
القارئ المغربي يونس غربي هو ابن الشيخ الضرير الموهوب مصطفى غربي، متعه الله عز وجل بقوة الذاكرة وسرعة البديهة ورسوخ الحفظ فاتم حفظ القرآن المجيد عن ظهر قلب وسنه لا يتجاوز الحادية عشرة ربيعا.
تلاواته الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعي تقذف في القلوب خشية الله العزيز، وتأخذ الأسماع إلى عوالم الوجد والتفكر في آي القرآن المعطاء والفائض بالأسرار لمن يطرق أبوابه فهمه وملامسة النور الثاوي بين ثناياه.
ابن مدينة الدار البيضاء، المولود في 26 ديسمبر 1985، دخل التاريخ من أوسع أبوابه، وخلد اسمه ضمن مواهب المملكة في القرآن الكريم، بدأ حفض المصحف الشريف على يد والده عن طريق السمع، تلك هي نفس الطريقة التي حفض بها والده وشيخه من قبله.
في إمامته للصلاة والتراويح تتفق مواهبه العالية، وتحفل بمقامات تحمل السامعين بين مقام ومقام، ويطغى عليها التناسق والانسجام مدفوعا بآيات بينات انتظمت في كتاب الله المسطور، تبهر الآذان وتريح القلوب الصاغية.
يحكم قواعد القرءاة ويحقق الحرف والحروف ويصنع صنيع والده الشيخ مصطفى غربي، وبعض شيوخ القراءة التي تتلمذ على يدهم أمثال الدكتور سعيد ربيع، والشيخ مصطفى بوناقة، والشيخ محمد السحابي الذي أخد عنه علوم القراءات.
وكانت للغربي صولات وجولات في مجال التنافس، إذا حصل غربي على المركز الثالث في فرع التدوير في مسابقة البحرين العالمية لتلاوة القرآن الكريم “القارئ العالمي” سنة 2016.
أما أرفع الألقاب وأسمى النياشين فحازها خلاله ظفره بالمركز الأول في مسابقة القرآن والأذان العالمية “عطر الكلام” في السعودية، حينها أثبت للجميع أنه موهبة ملهمة تحدت العمى وأعلت الهمة وشمرت على ساعد الجد والاجتهاد.
تلكم هي الخصال التي جعلت نخبة من المغاربة يندفعوا نحو المطار لاستقبال القارئ يونس غربي عقب تتويجه في مسابقة “عطر الكلام”، فإنما هو كلام يرفع الله به أقواما ويضع به آخرين، ويفتح به البصيرة لمن جاد عليهم بهذه المكرمة.
موقع الإصلاح