رؤية إسرائيلية كارثية.. هآرتس: تحويل غزة لتصبح الضفة والضفة لتصبح غزة
حذرت صحيفة هآرتس العبرية في تحليل إخباري، من أن ولوغ إسرائيل في دماء الفلسطينيين الأبرياء في الضفة الغربية ينذر بتحويلها إلى “غزة ثانية”.
وقالت إن وسائل الإعلام الإسرائيلية انشغلت هذا الأسبوع بحادثة إلقاء كرة من الطين على وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير في أثناء وجوده هو وعائلته على شاطئ تل أبيب، بينما كانت الدولة برمتها تغوص في الوحل الحقيقي الذي صنعه وزير الأمن القومي وشركاؤه، والذي يتمثل في “مشروع تحويل الضفة الغربية إلى غزة وغزة إلى الضفة الغربية”.
وكانت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” قد أوردت أن الشرطة الإسرائيلية اعتقلت امرأة تبلغ من العمر 27 عاما للاستجواب يوم الجمعة بعد أن قيل إنها ألقت كرة من الطين على بن غفير في أثناء وجوده هو وعائلته على شاطئ بتل أبيب.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بن غفير وعائلته على شاطئ البحر، وهم محاطون بثلة من ضباط الشرطة وقوات الأمن، بينما شوهد أحد رواد الشاطئ يصرخ فيه وجهه قائلا: “أنت قاتل”.
عمليتان متوازيتان
ووفقا لمراسلة صحيفة هآرتس للشؤون الدبلوماسية نوا لاندو، في تحليلها الإخباري، هناك عمليتان متوازيتان تمضيان بسرعة أكبر منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول وما تبعه من تداعيات، وكلتاهما سيتمخض عنهما واقع خطير.
ففي الضفة الغربية، أدت الحرب المندلعة في قطاع غزة إلى رفع وتيرة التصعيد على الأصعدة كافة تقريبا، حيث يتزايد الدافع نحو العنف على الجانب الفلسطيني جنبا إلى جنب زيادة تهريب الأسلحة.
كما أصبح عنف المستوطنين اليهود مستفحلا أكثر من أي وقت مضى تحت حماية الحكومة اليمينية المتطرفة، وبدأ الجيش الإسرائيلي ينشر في الضفة الغربية قواته وعتاده بكثافة، وفق تحليل مراسلة صحيفة هآرتس للشؤون الدبلوماسية نوا لاندو.
وأوضح التحليل أن قتل المدنيين الأبرياء تفشى بدرجة لم يكن من الممكن تخيلها قبل أن تصبح حرب غزة “عملا روتينيا”. أضف إلى ذلك ما تسميه الصحيفة “القمع الاقتصادي” المفروض على الضفة الغربية منذ اندلاع حرب غزة و”الازدراء السياسي” للسلطة الفلسطينية رغم أنها “لا تزال الشريك الوحيد لإسرائيل على الأرض في كبح جماح الإرهاب”، على حد تعبير الصحيفة.
وتحذر المراسلة الدبلوماسية أنه إذا استمر هذا النهج، فإن الأمر ينذر بــ”حمسنة كاملة” للضفة الغربية وتفاقم العنف والاحتكاك اليومي بين الفلسطينيين والمستوطنين والجيش، وستصبح الضفة “غزة ثانية”.
خطة المستوطنين لغزة
وكشفت هآرتس عن خطة تعدها حركة المستوطنين لإقامة مستوطنات في عمق قطاع غزة بقدر الإمكان، تبدأ ببناء كُنُس (معابد) يهودية للجنود، ثم ستكون هناك مدارس دينية دائمة يتولى إدارتها حاخامات، وبعد ذلك تتحول كل تلك المنشآت إلى تجمعات سكانية، ينتقل إليها مراهقون للعيش في منازل متنقلة حيث يطردون منها مرة بعد أخرى إلى أن تُضفى الشرعية على البؤر الاستيطانية في غزة.
وفي تقرير لهآرتس يوم الجمعة، نقلت الصحفية الإسرائيلية شاني ليتمان عن أحد قادة حركة المستوطنين شرحه للخطة قائلا: “في البدء، سيوافقون (سلطات الاحتلال) على إقامة صلواتنا من نوع ما عبر السياج [الحدودي]، ثم سيسمحون لنا بالبقاء هناك لفترة أطول قليلا، ربما ننام هناك طوال الليل، ولنَقُل مرة واحدة في الأسبوع، وبهذه الطريقة، نأمل تدريجيا في الوصول إلى وضع نستقر فيه فعليًا على الجانب الآخر من السياج” الفاصل بين إسرائيل وقطاع غزة.
وحسب المراسلة لاندو، هناك أحداث تاريخية ترسم مستقبل الأجيال القادمة، محذرة أنه ما لم تتوقف هذه التوجهات قريبا، فمن المحتمل جدا أن تزول الاختلافات بين غزة والضفة الغربية وستحترقان وتصبحان أكثر “تطرفا” يوما بعد يوم تحت نير الاحتلال والنظام العسكري الإسرائيلي. كما سيحدث الشيء نفسه للمستوطنات والبؤر الاستيطانية ويزداد الاحتكاك العنيف يوميا بين المدنيين.
واعتبرت لاندو أن التوصل إلى اتفاق بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة قد يكون “فرصتنا الأخيرة” لتجنب مشهد كارثي.
وختمت بعبارة استدعت فيها الحادثة التي تعرض فيها وزير الأمن القومي للرشق بكرة الطين، قائلة إن “بن غفير -وهو أحد المتسببين الرئيسيين في الفوضى- لا يريدنا فعلا أن نتحدث عن كل تلك (الحقائق) الآن. فهو يريد أن يرمينا بكرات من الرمل في أعيننا حتى يفوت الأوان”.
عن موقع الجزيرة نت