ذ يتيم يكتب: اعتراف ثلاث دول أوروبية بدولة فلسطينية على حدود 67.. دلالات ودروس
تناقلت الأنباء هذا الصباح نبأ اعتراف كل من إيرلاندا والنرويج وإسبانيا بدولة فلسطينية . وعلى الرغم من أن كلمة دولة فلسطينية لا تتضمن توصيفا كاملا لحقيقة وجوهر القضية الفلسطينية، التي هي قضية اغتصاب أرض، وإخراج شعب واعتداء على مقدسات وفي مقدمتها ادالمسجد الأقصى وتدنيسه .. وحكاية مجازر متتالية في حق الشعب الفلسطيني منذ النكبة إلى ما يحدث اليوم في فلسطين من حرب إبادة، وجرائم ضد الإنسانية إلا أن ذلك يعكس الأمور التالية :
– الطبيعة الإجرامية للكيان الصهيوني؛ وما هو ثابت مما ارتكبه منذ نشأته إلى الحرب الأخيرة والحرج الكبير الذي أصبحت تقف أمامه عدد من الدول التي تعرف حالة من التعاطف غير المسبوق مع الشعب الفلسطيني أمام جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكب في غزة على مرأى ومسمع من العالم.
– تزايد الوعي لدى شرائح واسعة من الرأي العام العالمي والأوروبي والأمريكي من حقيقة الكيان الصهيوني، باعتباره كيانا عدوانيا وإجراميا أمام المشاهد المروعة، وعملية الإفساد وإهلاك الحرث والنسل والسادية في تعبيراتها القصوى، مما يعكس تحولا نوعيا تعبر عنه عدة تجليات منها الحراك الطلابي الذي بدأ في الجامعات الأمريكية، وانتقل إلى غيرها من الجامعات الأوروبية. وهذا الاعتراف هو تعبير سياسي رسمي عن التجاوب مع الرأي العام في تلك الدول، الذي يدين الممارسات الصهيونية في غزة والضفة الغربية.
والقرار الأخيرة للمحكمة الدولية بمتابعة السفاح نتاياهو، هو أحد التعبيرات التي وجد قضاة المحكمة أنفسهم ملزمين بالتصريح بها، رغم أنهم لجؤوا لإصدار أحكام متشابهة في حق اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وهو قائد من قيادات مقاومة شعب احتلت أرضه، وديست حقوق منذ وعد بلفور المشروم والحروب العدوانية، التي شنتها العصابات الصهيونية والجيش الصهيوني في مختلف الحروب التي اندلعت في المنطقة منذ اغتصاب فلسطين وـعلان قيام دولة الكيان الصهيوني . وهي المقاومة التي تضمنها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة .
دون شك فإن صيغة ” دولة فلسطينية ” صيغة مبهمة تفسح المجال لكل التأويلات الممكنة بما فيها صيغة ” السلطة الفلسطينية ” وفي أحسن الأحوال دولة على حدود 67 .. أو دولة منقولة السيادة يتحكم فيها الكيان الصهيوني كما يتحكم اليوم في السلطة الفلسطينية ويحاصرها.
– إن تصريح ثلاث دول أوروبية بهذا المطلب في السياق الحالي؛ سياق العدوان الهمجي على الشعب الفلسطيني، يكشف مقدار الحرج التي تعاني منه دول غربية أمام فظاعة ما يرتكب في فلسطين من قبل الكيان الصهيوني .. وما يحمله اللاشعور السياسي لدى عدد من النخب الأوروبية من إحساس بالمسؤولية التاريخية عن زرع هذا الكيان في قلب العالم الإسلامي، ومقدار الحرج مما يرتكبه العدوان الصهيوني من مجازر دون أن ننسى الصحوة المتنامية للجاليات -التي هي من أصول عربية وإسلامية- ودورها في الحراك الشعبي المناهض للعدوان الصهيوني على غزة.
شاهد من السيرة النبوية: نقض الصحيفة والتمرد على حصار بني هاشم
استحضر دائما وانا أتابع صحوة الضمير الغربي لدى شرائح عريضة في المجتمعات الأروبيةـ وفي أمريكا ما نقلته السيرة من حصار كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم وبني طالب في شعاب مكة، وانتفاضة بعض أهل مكة على هذا الحصار حين قام قام خمسة من أشراف قريش يطالبون بنقض هذه الصحيفة الظالمة، وهم:
هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث العامري، وهو أعظمهم في ذلك بلاءً، وزهير بن أبي أمية المخزومي ابن عمة الرسول عاتكة، والمُطْعِم بن عديّ النوفلي، وأبو البَخْتَريّ بن هشام الأسدي، وزمْعَة بن الأسود الأسدي، واتفقوا على ذلك ليلاً، فلما أصبحوا غدا زهير وعليه حلّة، فطاف بالبيت ثم أقبل على الناس، فقال: يا أهل مكة أنأكل الطعام ونَلْبَسُ الثياب وبنو هاشم والمطلب هَلْكى لا يبيعون ولا يبتاعون؟ والله لا أقعد حتى تُشَق هذه الصحيفة الظالمة القاطعة. فقال أبو جهل: كذبتَ، فقال زَمْعة لأبي جهل: أنت والله أكذب ما رضينا كتابتها حين كتبت، فقال أبو البختري: صدق زمعة، وقال المطعم بن عدي: صدقتما، وكذب من قال غير ذلك. وصدّق على ما قيل هشام بن عمرو، فقام إليها المطعم بن عدي فشقّها، وكانت الأَرَضة قد أكلتها فلم يبقَ فيها إلا ما فيه اسم الله، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عمه أبا طالب بذلك قبل أن يفعل ما ذكر، فخرج القوم إلى مساكنهم بعد هذه الشدة.