باحثون وخبراء يسلطون الضوء على الإسلام والمسلمين في السياق الفرنسي
سلط باحثون وخبراء الضوء على الجذور والامتداد التاريخي للإسلام والمسلمين في السياق الفرنسي في ندوة علمية عن بعد، نظمها مركز اجتهاد للدراسات والتكوين السبت الماضي في بلجيكا
وأكد الدكتور موسى مرغيش الباحث في مؤسسة رهانات في ليل-فرنسا، على أن دراسة المسلمين في فرنسا تحتاج إلى الجدية والإلمام والإحاطة والصرامة، وأيضا إلى فهم واستيعاب السياقات التاريخية المزامنة لها.
واستعرض مرغيش في مداخلة له بعنوان “مرتكزات فهم الحضور الإسلامي في فرنسا”، مجموعة من المداخل التي تفيد في تحديد نسق دراسة الإسلام والمسلمين وحضورهم في فرنسا، وأجملها في ثلاثة مداخل أساسية وهي: معضلة الدين في التاريخ الفرنسي، وجهود فرنسا في التعرف على الإسلام والمجتمعات الإسلامية، والمسلمون في فرنسا عوائق القبول والاستساغة.
وأشار المؤرخ المغربي في معرض حديثه عن جهود فرنسا في التعرف على الإسلام والمجتمعات الإسلامية إلى أن لقاء فرنسا بالإسلام ليس جديدا، وإنما هو موغل في القدم، بدءا بلقاء شارلمان مع هارون الرشيد، وعبر مراحل عديدة إلى يومنا الحاضر، مرورا بالتجربة الاستعمارية للبلدان الإسلامية.
ونبه مرغيش فيما يخص عوائق القبول والاستساغة إلى على عدم وجود قانون للأقليات الدينية والإثنية في فرنسا أو ما يسمى بحق الأقليات الدينية، معتبرا نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين زمن النهضة الإسلامية في فرنسا. وأوضح أن هناك ثلاثة تيارات كبرى ساهمت في تكوين صورة الإسلام في فرنسا: التيار الرومانسي، وتيار الإسلاموفيل في مقابل تيار الإسلاموفوبيا.
من جهته، استحضر الدكتور يوسف نويوار الأستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة بمرتيل، السياق التاريخي القريب لوجود الإسلام والمسلمين في فرنسا منذ السبعينات إلى يومنا هذا. وطرح مجموعة من الأسئلة التي حاول الإجابة عنها من خلال مداخلته ومن أهمها: من هم مسلمو فرنسا؟ وهل يمكن الحديث عن أقلية مسلمة منسجمة؟ كيف استطاع المسلمون إثبات حضورهم في فرنسا؟ كيف تفاعلت الحكومة المركزية بباريس مع هذا الحضور؟ ما هي الهيئات والمنظمات التي تمثل المسلمين أمام إدارات الدولة في فرنسا؟
وانطلق نويوار في إجابته من خلال مداخلته الموسومة بـ”مأسسة الإسلام في فرنسا”، من التحولات التي عرفها وجود الأقليات المسلمة في فرنسا “من الهجرة الذكورية إلى التجمع العائلي”، حيث كانت المطالب أول الأمر تنحصر في إنشاء المساجد، وتعليم الدين الإسلامي للأجيال الجديدة، ولكنها تطورت فيما بعد إلى فرض للوجود الإسلامي في المجتمع الفرنسي.
وأفاد الأستاذ والباحث بجامعة بول فاليري مونبيلي-فرنسا سابقا، أن الحضور الإسلامي في فرنسا كان عن طريق ديناميتين: أفقية تتعلق بالحاجيات والمطالب الدينية والثقافة التي طالبوا بها منذ السبعينات، وعمودية تتعلق بالتدبير السياسي للحضور الإسلامي من طرف الحكومة الفرنسية والمنتخبين والمجتمع المدني وكذا دولهم الأصلية.
و اختار الدكتور بدران بن لحسن الباحث في مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر أن يقارب الموضوع من منظور مالك بن نبي وآرائه في تناوله للاستعمار الفرنسي، مقدما بذلك قراءة مهمة لفهم اللقاء الحضاري الذي تم بين المسلمين والأوروبيين عموما والفرنسيين على وجه الخصوص وهو الاستعمار، مستعينا بنظرية القابلية للاستعمار عند ابن نبي أو تبعية الغالب للمغلوب عند ابن خلدون.
كما أشار بن لحسن في مداخلة تحت عنوان “نقد مالك بن نبي للظاهرة الاستعمارية مع التركيز على مسار الاستعمار الفرنسي في الجزائر وآثاره على الثقافة والمجتمع”، إلى الشعارات التي استخدمها الغرب لشرعنة استعمار الشعوب، مثل ما يسمى بـ”عبء الرجل الأبيض” أي عبء تنوير الهمج والبيدائيين من شعوب المستعمرات الخاصة بهم الذي يقع على عاتق الرجل الأبيض المتفوق على بقية أعراق العالم بزعمهم.
وأوضح بن لحسن أن للاستعمار آليات خاصة تعامل بها مع المستعمرات، منها ما يتعلق بالنظام الاقتصادي، وفرض المعايير الغربية على الآخرين، وخلق الانقسامات بين الشعوب، وأنه عند تنزيل هذه الآليات على الحالة الجزائرية بالذات أدت إلى ظهور أربع نتائج جلية، وهي التنصير، والفرنسة، والتجهيل، والإفقار.