“الديانة الإبراهيمية” في امتحان الجهوي لمادة التربية الإسلامية تثير جدلا وانقساما
أثارت الوضعية التقويمية لامتحان في مادة التربية الإسلامية الأولى باكلوريا (الجهوي) الأحرار يونيو 2023، بأكاديمية مراكش جدلا ونقاشا في وسائل التواصل الاجتماعي وبين أساتدة المادة وتربويين بعدما تناولت الدعوة لـ”الديانة الإبراهيمية” ورمي الشريعة الإسلامية بالجمود وتعطيل العقل.
وجاء في الوضعية التقويمة للامتحان أن الطالبة شيماء علقت على ندوة بعنوان “الشريعة الإسلامية بين الأمس واليوم”: “لقد آن الأوان للجمع بين الأديان السماوية الثلاثة في دين واحد يساير العصر وقضاياه ويتماشى والحضارة الحديثة، وينبذ الاختلافات العقدية، خاصة وأن لهذه الأديان أصلا عقديا وتاريخيا واحدا، ألم تقرؤوا قوله تعالى: (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) (النحل:123)”.
وورد أيضا في الوضعية التقويمية أن “الطالب أنس أشار إلى أن الشريعة الإسلامية تتسم بالجمود وعدم مسايرة مستجدات العصر لأن باب الاجتهاد قد أغلق اليوم أمام جميع المسلمين، بسبب الاكتفاء بأقوال العلماء السابقين، فكانت النتيجة تعطيل العقل المسلم ودوره في تدبر النص الشرعي وحسن فهمه وتنزيله”.
وانقسم التربويون وأساتذة المادة ما بين معارض لاختيار هذا الموضوع في الوضعية التقويمية للاختبار وبين من يرى أنها تستهدف استثمار التلميذ لتعلماته لحل المشكلة أو القضية الواردة فيها.
واعتبر المنتقدون أن في ذلك جرأة واتهاما للشريعة الإسلامية بالجمود والرجعية، وتعطيل العقل المسلم، بالإضافة إلى الدعوة إلى “الديانة الإبراهيمية” التي حذر منها العلماء واعتبروها مسلكا باطلا، ومعتقدا فاسدا، يريد الجمع بين التوحيد والوثنية، على اعتبار أن الامتحان ليس أسئلة اختبارية فقط! بل له أبعاد ووظائف قيمية تربوية بنائية.
وأضافوا أن “الوضعيات التقويمية أصبحت طافحة بالشبهات والتشويشات، تصاغ بلغة ركيكة وبأسلوب مبتذل يغلب عليه التكلف وليّ عنق الكلمات والعبارات حتى تسمى زورا وضعية مركبة”، خاصة وأن “التلاميذ لا يحسنون التعامل مع الشبهات المثارة حول الإسلام، بما يقطع دابرها وينسف بنيانها من القواعد لأنهم لم يتلقوا أي تكوين بهذا الخصوص”، فيما أظهرت تعليقات أخرى استياء المشتغلين بالمادة من موضوع الامتحان معتبرين أن الوضعية المشكلة “أصبحت معولا يتم من خلاله هدم الإيمان الإجمالي المبني على التسليم والانقياد، وبث بذور الشك والخواطر”.
من جهة أخرى، رأى بعض أساتذة مادة التربية الإسلامية أن “الانتقاد لم ينطلق من خلفية بيداغوجية واعية فالوضعية الديداكتيكية أو التقويمية لها عناصر ومكونات كما لها شروط وأهداف”، خاصة وأن “الوضعية المطروحة جريئة جدا ومناسبة، وأنها ذيلت بإسنادين: الأول (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) هو بمثابة المنطلق الرئيسي لتقويم ادعاء (شيماء) في دعوتها صهر الأديان الثلاثة في دين واحد، والثاني للمؤرخ الإنجليزي، هو بمثابة مدخل لتفنيد ادعاء (أنس) كون الإسلام دين جمود لا يساير الحضارة، على اعتبار أن “الوضعية المشكلة غالبا ما تحمل آراء خاطئة، وتصورات قاصرة، حتى يكون المتعلم قادرا على إبراز مواقفه وتوجيهاته القويمة المستمدة من دروس المادة التي تروم تصحيح مثل هذه التوجهات المنحرفة”.
موقع الإصلاح