الملك محمد السادس يوجه رسالة للمشاركين في الدورة 82 لمعهد القانون الدولي
العالم يتغير بسرعة فائقة واليقينيات في تراجع مستمر مما أدى لاختلاط المعايير والمفاهيم

وجه الملك محمد السادس أمس الأحد رسالة سامية إلى المشاركين في الدورة الثانية والثمانين لمعهد القانون الدولي المنعقدة بمقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط.
وقال الملك محمد السادس: ” إن دورة الرباط اليوم لتنعقد في سياق يتعرض فيه القانون الدولي لرجة قوية بفعل رياح عاتية معاكسة، فالعالم يتغير بسرعة فائقة، واليقينيات في تراجع مستمر، مما أدى إلى اختلاط المعايير والمفاهيم، وباتت التحالفات مثار تساؤل، وأصبح القانون الدولي عرضة للانتهاك في أحيان كثيرة، وصارت قدرته على تنظيم العلاقات الدولية تواجه العديد من التحديات”.
وأضاف الملك في الرسالة التي تلاها محمد بنونة، رئيس معهد القانون الدولي ” إن جدول أعمالكم يغطي موضوعات حارقة من ضمنها تلك المرتبطة بقضايا الأوبئة، وهي أزمات عالمية لا تقتصر تداعياتها على صحة الناس فحسب، بل تمتد حتى إلى المبادئ الجوهرية التي يرتكز عليها بنيان العالم. فبحكم التوترات القائمة بين السيادة الوطنية والتعاون الدولي، وبين الإكراهات الأمنية ومتطلبات التضامن، فإن الأزمات البنيوية لا ينحصر تأثيرها في زعزعة النظام القائم، بل يكشف أعطابه ويسرع من وتيرة تحولاته”.
ونبّه الملك إلى أن مسؤولية المعهد اليوم ” تتمثل في دراسة ومحاولة فهم هذه التحولات، لا لاستيعاب الماضي القريب فحسب، بل من أجل رسم معالم قانون دولي يساير المستجدات ويرقى إلى مستوى تحديات المستقبل”، مؤكدا أن السياسة الخارجية للمملكة المغربية، ظلت “تسير وفق مقاربة قانونية منهجية قائمة على احترام القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. فلا سبيل لضمان استمرار أي نظام دون قواعد ضابطة، وعلى أساس هذه القناعة يرتكز عمل الدبلوماسية المغربية”.
يذكر أن أشغال الدورة الثانية والثمانين لمعهد القانون الدولي، افتتحت أمس الأحد بمقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط. وتتضمن أشغال الدورة جلسات علمية تحتضنها جامعة محمد الخامس؛ تتمحور حول قضايا راهنة تهم المجتمع الدولي، من قبيل “القواعد القانونية المتعلقة بالوقاية من الأضرار البيئية في الفضاءات الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية “، و” القانون الدولي للملكية الفكرية والأوبئة، لا سيما ما يخص ولوج الأدوية والتدابير الاستباقية لمواجهة المخاطر الصحية “، والوضع القانوني ووظائف الجمعيات العامة للدول الأطراف في المعاهدات”.
يشار إلى أن معهد القانون الدولي تأسس في الثامن من شتنبر 1873 بمدينة غاند البلجيكية، وهو أقدم مؤسسة قائمة في العالم تهتم بتطوير القانون الدولي. ويضم المعهد نخبة من أبرز القضاة والخبراء والأساتذة الجامعيين في القانون الدولي. وللمعهد الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، مما يمكنه من الإسهام في أشغال المنظمة الأممية.